محمد الدسوقى رشدى

مشاهد التيه والقهر فى جنازة علاء وسناء!!

الأحد، 31 أغسطس 2014 12:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
(1)
التيه .. لا شىء غير التيه حاضرا فى هذا المشهد، لا أنت تعرف كيف تمشى، ولا تدرك إن كنت جزءا من واقع أم قطعة من كابوس، أنت ضائع، جسد بلا روح، قلب لا يريد سوى الصراخ وعقل غير قادر على اتخاذ القرار، وأحبال صوتية أضعف من أن تعبر للعالم عن وجعك فى تلك اللحظة.. لحظة أن يأتوا بك من الغياب إلى مشهد جنائزى لوداع أب سيمنعك كفنه من إلقاء التحية الأخيرة على وجهه فى محاولة يائسة لحرق بعض مرارة الافتقاد.

 أنت تائه فى بحر من قهر وأمواجه من وجع، غريب مثل الغرباء، تشارك فى المشهد مشيا، وتحمل فوق أكتافك جبالا من ألم سرقة حقك فى النظرة الأخيرة على ملامح وجه أبيك، أنت أضعف فرد فى سرب الجنازة، أكثرهم هزيمة لأن المشهد سيظل محفورا فى قلبك، فإن أفلح النسيان  فى تغييب فكرة موت الأب، فلن ينجح أبدا فى تغييب مشهد الوداع عن بعد، والأقسى من هذا وذاك يقينك الذى يخبرك بأنك ستعيش طريدا لسؤال: هل تمنى أن يرانى قبل الموت؟، هل مات بقهر عدم تحقق أمنيته الأخيرة فى الحياة برؤيتى؟.

(2)
بينى وبين علاء عبدالفتاح مناطق اختلاف، ولكن واحدة منها لم تمنعنى من قراءة لحظات مشاركته وأخته سناء فى جنازة والدهم أحمد سيف الإسلام، لأن من عاش التجربة سابقا يعرف أكثر، وفى حالة علاء وسناء عبدالفتاح ضاعف مقدار ما شعرت به  أنا من قهر ووجع بسبب موت أبى وأنا بعيد عن حضنه قبل 13 سنة من الآن، لأن غيابهما هنا قسرى، إجبارى مخلوط بكثير من الظلم والتعنت، بينما فى حالتى كان الغياب بحكم غربة العلم ومصر التى لم تصنع لأبناء الأقاليم جامعات يدرسون بها.

فى عين سناء عبدالفتاح تحديدا كان الوجع أبرز والهزيمة أكثر تجليا من أى عين بشرية، سناء مثلها مثل علاء عبدالفتاح يسيران برأسين أثقل من أن يتحملهما جسد، ومتألمين من وجع أقسى من أن يتحمله صبر، وفى عينهم سؤال واحد إلى متى سنظل ندفع وننفق من عمرنا، وهل للدفع من نتيجة حتى ولو بعيدة؟!

يقول البعض إنهم يدفعون ثمن مخالفة القانون والتحريض ضد الدولة، ويقول آخرون أنهم يدفعون ثمن مساندتهم للانقلاب وتحريضهم على فض اعتصام النهضة بالقوة.. الأولون من بواقى نظام مبارك وتربية إعلام تحريضى، واللاحقون بهم فى الشماتة من بواقى جماعة الإخوان.

اجتمع قطبا إفساد مصر فى مشهد الشماتة من علاء وسناء والدكتورة ليلى سويف، كما كانوا يجتمعون فى عهد مبارك لعقد صفقات سرقة أحلام هذا الوطن، بواقى النظام السابق والمخطوفين ذهنيا بتعبيرات الاستقرار أظهروا شماتة فى علاء وسيف وأسرتهم بحجة أنهم ممولون وعملاء وخونة، وبواقى جماعة الإخوان المفضوحة والمهزومة أظهروا شماتة فى علاء عبدالفتاح والدكتور ليلى سويف تحديدا بسبب فيديو لهما وهما يطلبان فض اعتصام النهضة بسبب السلاح الموجود داخله، الإخوان يعتبرون ما حدث لعلاء وأسرته عقابا إلهيا لأنه تجرأ وعارض مرسى وشارك فى مظاهرات 30 يونيو حتى أن مريض نفسى يحمل اسم أحمد عبدالعزيز وكان يعمل ضمن فريق محمد مرسى داخل القصر الرئاسى كتب يقول: (قمت بأداء واجب العزاء فى الفقيد أحمد سيف الإسلام عبدالفتاح، وذلك بإرسال برقية تعزية رسمية باسم السيد الرئيس الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية وفريقه الرئاسى؛ ذلك لأن الفقيد كان رمزا نضاليا وطنيا، ومن وجهة نظرنا، لا يضير الفقيد سفاهة زوجته أو ابنه علاء حين حرضا على إبادة أبنائنا وبناتنا فى رابعة والنضهة، وسيكون لنا معهما ومع كل من حذا حذوهما وارتكب جرمهما شأن آخر حين تدق ساعة الحساب.. رحم الله الفقيد.. وقبح وجوه المجرمين من أهله..).

شماتة عضو الفريق الرئاسى لمرسى والقيادى الإخوانى أحمد عبدالعزيز لم تكن حادثا عرضيا أو فريدا، بل جاءت معبرة عن مجمل تعليقات إخوانية لا يستخلص منها سوى إصرار هذه الجماعة على أن تنضح بما فى أبارها من سيئ الأخلاق، ومن مبادئ تغليب مصالح الجماعة على كل ما هو دينى أو وطنى أو إنسانى.

على الضفة الأخرى يقف الشامتون من بواقى نظام مبارك والمخطوفين ذهنيا من وسائل الإعلام التى نشرت فى الأجواء حديثا عن التمويل والمؤامرة وأدانت من خلال أحاديثها شبابا بالجملة كل ذنبهم أنهم كانوا فى طليعة صفوف ثورة 25 يناير التى تؤرق مضاجع فسادهم وفشلهم، دون أن يقدم واحد فيهم دليلا على ثبوت تهم التمويل والخيانة والعمالة على هؤلاء الشباب ومن بينهم علاء وسناء، ولكنهم وجدوا فى حكم المحكمة الخاصة بسجن الشقيقين تحت مظلة مخالفة قانون التظاهر ذريعة قانونية للشماتة ومدخلا لتأكيد باقى التهم.

(3)
ربما تختلف مع خطاب علاء عبدالفتاح السياسى، ولكن فى أى شىء تختلف مع جهد سناء الحقوقى، ربما يفعل علاء ما يستدعى الدخول معه فى معارك سياسية قاسية وفاجرة الخصومة ولكن مالذى يفعله ليجعل البعض شامتا فى وفاة والده أو يجعله يستحق حكما بالسجن بتهمة التظاهر والتحريض بينما عشرات السياسين والإعلاميين يطلقون الكثير من شائعات الكذب والتحريض تنشر الكدر والفزع فى صفوف الرأى العام أضعاف ما فعله علاء فى مظاهرة كان فردا فيها، ثم ما الذى فعلته سناء لكى تدخل هى أو ماهينور المصرى سريعا إلى السجن فى أسرع أحكام قضائية بعد الثورة بينما يبقى أباطرة مبارك منعمين فى القصور التى بنوها من دماء وقوت الشعب، ويبقى عشرات الإرهابيين ورجال الإخوان منزهين بين جلسات المحاكم فى قضايا لم يحصلوا فيها على  تلك الأحكام السريعة التى لا تطول فقط سوى الشباب.
هل يحق أى أن أذكرك أن هذا الوطن الذى يغضب مذيعوه ومثقفوه وأهل نخبته ورجال حكومته من حكام مباريات كرة القدم لأنهم يطبقون القانون بحذافيره لا بروحه ويفسدون المباريات المهمة بالقرارات القاسية التى لا تضع فى حسبانها ظروف البيئة المحيطة يقف على أرضه نفس الشخوص بوجوه مكشوفة ساخرين ورافضين ومتهمين كل من طالب بتخفيف الحكم على علاء وسناء وماهينور ودومة وماهر أو العفو عنهم؟

هل تحتاج أن أذكرك أن  فى روح كتب القانون  توجد معانٍ كثيرة تقول بأن تفهم القاضى للواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى لزمن صدور الحكم ووضع ذلك فى اعتباره قبل إصدار أى حكم قضائى يعنى نجاح هذا القاضى فى القضاء على كثير من العوارض والآثار الجانبية والأزمات فى مهدها.

ألا تجد أنه من الغريب معايرة الشيوخ ووصفهم بالتخلف والتشدد إن لم يراعوا الظروف الراهنة قبل إصدار الفتاوى والأحكام الشرعية رغم أنهم يتعاملون مع نص إلهى، بينما ترفض إطلاق نفس أوصاف التشدد والتطرف على القضاة رغم أنهم يتعاملون مع نصوص قانونية بشرية، التعامل معها بجفاء يضع شبابا كل ذنبهم تمنى وطنا أفضل خلف قضبان السجون، بينما غيرهم يرتكبون فى حق الوطن عشرات الجرائم ولا يحصدون سوى مزيد من المناصب والشهرة؟!

(4)
ارحموا  الشباب من الشماتة والتنعت القانونى، وإصدار أحكام إعلامية بعدم صلاحيتهم  للاستهلاك الوطنى والسياسى، فلا ذنب لهم أن دولة مبارككم كانت هشة جدا لتسقط بسبب هتافهم فى 18 يوما، ولا ذنب لهم فى أن دولة الإخوان كانت فاشلة وساذجة وطماعة لتسقط أمام إصرارهم بناء وطن أفضل بعد أقل من عام، ولا جريمة لهم فى أن السلطة دوما تتعثر فى اختيار من يمثلونها فلا يجد منها الشباب سوى الأخطاء التى تجعلهم دوما فى موقف الناقد الناقم على وطن يضيع من بين أيديهم!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة