مرافعة مثيرة للمحامى فريد الديب فى محاكمة القرن، شدت انتباه الجميع وخاصة المرافعة الأولى التى كانت سياسية بالمقام الأول! وبما أنى لست من عبيد الثورات فاستمعت إليها بحيادية تامة بدون تشنج رغم أنى من المشاركين فى كل أحداث يناير وكل مابعدها حتى النخاع واستمتعت بالسرد التاريخى للأحداث فى قالب شيق لا يخلو من الفكاهة أحيانا. ووجدت نفسى متفقاً معه فيما يتعلق بالتآمر الواضح على مؤسسات الدولة والذى بدا متفقاً مع اعترافات هيلارى كلينتون الأخيرة فى مذكرات كلمة السر 360 والأهم متفقاً تماماً مع السيرك المخابراتى الأمريكى القطرى التركى الذى شاهدناه وعاصرناه بأنفسنا أبان ثورة 30 يونيو. ولا أدرى كيف فاته ان يستشهد بمذكرات هيلارى كلينتون فقد شهد شاهد من أهلها!! وبالطبع اختلفت معه بشدة فى قضايا أخرى مثل دفاعه عن التوريث مثلاً وهو كمحام بحكم طبيعة مهمته، يريد أن يبرئ موكله من كل التهم ولكنى مثل آخرين نعلم جيدا أن التوريث كان الخطة (ب) للرئيس الأسبق فى حال قراره بعدم استمراره فى الحكم. وقد كنت قريبا من المطبخ بحكم عملى فى 2010 وكان الحوار الدائم بين الوزراء وقتها: هل سيستمر مبارك فى الحكم أم سيترشح جمال مبارك فى سبتمبر 2011؟ إمال أمانة السياسات كانت بتعمل إيه؟ بتلعب! فى كل الأحوال أثارت مرافعة فريد الديب زلزالاً سياسياً وتسببت فى مطاحنات سياسية على الشبكات الاجتماعية والإعلام وبدأ الجدل: هل يناير ثورة أم مؤامرة؟ وبدأ السجال بين أبناء مجيدة وهو اللقب التويترى للمنتمين عقائديا لثورة يناير، وبين أبناء عميقة وهم ضد ثورة يناير فى إشارة إلى أبناء الدولة العميقة! والمشكلة تكمن فى أنه يا إما أبيض يا إما أسود: يا ثورة يا مؤامرة؟!
وبما أنى أعتبر نفسى أحد المعاصرين للثورتين بكل تفاصيلهما والحمد لله لم يصبنى فيروس عبادة الثورات الذى استشرى مؤخراً فقد أعلنت موقفى مبكراً جداً وهو ثابت حيث كانت المستجدات من المعلومات تصب فى نفس الاتجاه : كان هناك مخطط دون شك تم الإعداد له قبل 2010! لتمكين عصابة الإخوان فى المنطقة ومصر هى رأس المنطقة وقلب العالم العربى وظل هذا المخطط فى حالة ترقب انتظارا للحظة المناسبة. وفى نفس الوقت كانت هناك حالة من الغليان فى الشارع المصرى ضد التوريث والتزوير والفساد وانسداد الحياة السياسية وطول فترة حكم مبارك. انطلقت الشرارة فى 25 يناير. نزل قطاع (بضعة ملايين) من المصريين الشرفاء للتعبير عن غضبهم والتغيير للأفضل. وهؤلاء لم يكن لهم أى علاقة لا بإخوان ولا بسوكة ولا بسفارات ولا بمنظمات مجتمع مدنى ولا بدكاكين حقوق إنسان ولاتدريب ولا تمويل! هؤلاء بالتأكيد ليسوا متآمرين بل مواطنون شرفاء! بعض أبناء عميقة يقولون عليهم سذج! إذن هذا هو الجزء الثورى من 25 يناير! ثم كان هناك قطاع آخر إسلامى متآمر من اليوم الأول ومتخابر مع جهات ودول خارجية مع قطاع آخر حقوقى يسارى ليبرالى شبابى له علاقات مشبوهة بمنظمات دولية (لا أعمم) وهذا هو الجزء المتآمر من 25 يناير!
إذن هى مؤامرة تربصت واستغلت ثورة مستحقة وثورة مطعمة بمتآمرين. خلاص يا سيدى سميها ثؤامرة! ووجدنا «جدل شوفينى» واكتشفت أن هناك كهنة لثورة يناير يسبون أى شخص ينتقد الثورة بأقذع الألفاظ ويرفضون أى حديث عن أى مؤامرة من قريب أو بعيد. جزء منهم إخوانى الهوى حقوقى السمات يسارى المقعدة، وجزء آخر فيرمونتى التركيبة فى حالة تثور لا إرادى! وشاهدنا من يطالب بمحاكمة من يهين أو يزدرى ثورة يناير! يا قوة الله! دعاوى حسبة ينايرية! فهل سنرى إقامة الخلافة الينايرية وتطبيق حد الردة على المخالفين؟ هل سنرى مقام يناير وسرايا يناير وجبهة الفيرمونت (النصرة سابقاً) ودايم (دولة أنصار يناير فى مصر) وكتائب عز الدين سوكا؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة