أكرم القصاص

خيرى شلبى.. بحر الحكايات

الخميس، 11 سبتمبر 2014 07:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«فرعان من الصبار» رواية قصيرة، يقدم فيها خيرى شلبى مصر من أعماقها فى الريف، كنت أقرأ عالما تصورت أنى أعرفه. لكن خيرى شلبى كان يكتشف كيف يمكن أن تكون حياة الناس العادية أسطورة.

أعاد خيرى شلبى بناءه، أساطير مع حكايات، حواديت الموت والحياة، الحزن والفرح. فى «السنيورة» قدم خيرى شلبى عالم التراحيل كما لم يقدمه أحد، وكان محقا أن الحرام ليوسف إدريس سبقته وغطت على عالم كان خيرى شلبى يصنع فيه أسطورة بشر منسيين يصنعون الحياة من دون أن يعرفهم أحد. كانت أعمالها كلها بحورا من الحكى والحواديت التى تكشف كيف يمكن للناس العادية الضعيفة أن يكونوا أبطالا لمجرد بقائهم أحياء.

ربما فى الثمانينيات سعيت للقاء عم خيرى، وكعادته سألنى: «منين؟» قلت له بسيون غربية، فحدثنى عن تفاصيل وأسماء عائلات وأشخاص، كان العم خيرى من شباس عميرة، قريبا من دسوق بكفر الشيخ، بيننا كيلومترات قليلة. فاجأنى أنه يعرف شبكة العائلات والناس والنسب والزواج كأنه يعيش - مايزال - هناك، قال لى من انتقل إلينا ومن من عندنا تزوج عندهم.

كان العم خيرى الذى هاجر للقاهرة وقبلها الإسكندرية يعرف هذا العام كأنه يعيش فيه. بل كان يعرف الصعيد مثلما كان يعرف بحرى، طوال الوقت يغرف من بحر الحكايات.

لم أبذل جهدا فى التعرف على العم خيرى وتكررت لقاءاتنا فى مجلة الإذاعة والتلفزيون أو على مقاهى وسط البلد، بوجه وطلة تجمع بين الفلاسفة ورواة السير.

قبل لقائه قرأت له أعماله جميعها، كنت أرى خيرى شلبى يكتب عن عالمى بشكل معجز، ويلتقط تفاصيل الحياة ويقدمها كأساطير. فى كل لقاء كان يحكى عن أبطال رواياته وقصصه فلا تعرف إن كانوا خيالا أم حقيقة. يكتب عن شخصيات عاش معها وتوحد مع حياتها وغرائبيتها أحيانا، ليقدم سيرة تاريخية للشعب المصرى، يغرف من بحر لا ينفد من بطولات الناس وقد جمع خيرى شلبى بين تجربة نجيب محفوظ بالقاهرة وتجربة يوسف إدريس بالريف، لكنه تفوق فى تجربة حياة تبدو فى حد ذاتها أسطورة.

70 كتابا بين روايات وقصص، «وكالة عطية» تضمنت الأساطير الحقيقية لعالم لم يسبق له أحد. بينما موال البيات رواية متعددة الطوابق، ولم يخل عمل من أعماله من طرف لتجاربه ورحلته فى الحياة. أما الوتد فقد قدمت «فاطنة تعلبة»، نموذجا غير مسبوق لسيدات كن يصنعن الحياة ويحكمن الرجال فى بيوت مصر.

خيرى شلبى بحر الحكايات والأساطير الذى لا ينتهى، ثلاث سنوات على رحيله، وما يزال قادرا على إثارة الدهشة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة