رغم لمبة الجاز أصبحوا شموسًا فى سماء مصر.. رغم الفقر المدقع رغم قلة المال وقلة الزاد رغم بطونهم الخاوية التى لم تعرف قط أطايب الطعام وكأن الخبز الجاف والجبن قد التصق بمائدتهم فلم يستطيعوا منه فكاكاً ورغم أن أجسادهم لم تعرف قط رغد العيش ولا رفاهية الحياة المعاصرة كانت أكواخهم من طين الأرض وسعف النخيل وكان وقودهم الحطب وكانوا يفترشون الأرض ويلتحفون السماء وكانوا يدرسون على لمبة الجاز، ورغم ذلك نبغوا وتميزوا وصاروا منارات شامخة فى شتى العلوم والفنون.
كانوا رجالا بحق وروادًا يشار إليهم بالبنان وأمهات فضليات لم يعرفن القراءة والكتابة ورغم ذلك فاقت مهارتهن وحكمتهن أعتى الرجال تلك الحقبة الرائعة من تاريخ مصر المشرق والذى نهضت فيه فى كافة المجالات بفضل همة رجالها وحنكة نسائها تلك الحقبة التى غلفت بالأخلاق والفضائل بعيدًا عن بذاءات اللفظ وعفن النوايا بوتقة ساحرة صنعت من مصر قاطرة عملاقة ومنارة للفن والآدب وكافة مجالات الحياة لم تعوقهم لمبة الجاز، ولا شظف العيش عن تحقيق الآمال والأحلام كانوا يقطعون الكيلومترات سيرًا على الأقدام ولم تكن لهم وسيلة مواصلات إلا أقدامهم ورغم ذلك وصلوا لم يتخذوا من الأحوال السيئة والجيوب الخاوية شماعة لليأس والفشل ولم تكن أوجاع الجسد ولا ظلمة الليل حائلاً دون تفوقهم ونبوغهم فالطرق الترابية صلبت عودهم وظلام الليل أطلق العنان لملكاتهم الشعرية وما كان لشىء أن يثنيهم عن أهدافهم قيد أنملة، إنهم جيل الآباء والأجداد الذين حملوا مصر على أكتافهم وأناروا ليلها المظلم بنبوغهم وإخلاصهم فيا ليت روحهم النبيلة تتلبسنا ويا ليتنا نقتبس قبضة من نورهم أو طفرة من جيناتهم الوراثية.
د. أمينة هاشم تكتب: أين نحن من جيل الآباء والأجداد؟
الجمعة، 12 سبتمبر 2014 02:06 م
أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة