رحم الله بليغ حمدى الذى رحل فى مثل هذا اليوم منذ 21 عاما، كان يعرف الناس ويحبهم، ويستحثهم على الغناء معا، كان عطوفا وحزينا ومحبا للألفة، يعرف كيف يمسكك من قلبك، عندما اصطاد جملة أغنية تخونوه لعبد الحليم البسيطة الموجعة، تأكد الجميع أن شيئا جديدا يتسلل إلى الموسيقى فى مصر الخمسينيات، كان الطويل والموجى ومنير مراد يجتهدون فى خلق حالة شابة، تتسق مع مجتمع يسعى للتحرر ويؤمن بقدرة المصريين على إنتاج موسيقى تخصهم بعد تحررهم من الاستعمار، وأن الريفيين قادرون على استثمار خبراتهم فى إنتاج شىء طازج يوضع إلى جوار ملحنى المدينة، الذين أسسوا للنهضة الموسيقية منذ نهاية القرن التاسع عشر، الذين لم يتمكن معظمهم من التقاط النغم الخفى الذى يصبر الفلاح به نفسه فى معركته الطويلة ضد القهر.
هم غنوا للفلاحين، ولكنهم استعاروا منهم جملا توحى للآخرين بأنها تعبر عنهم، كان يقول إنه تلميذ القصبجى ومحمد فوزى ومحمد عبد الوهاب، وأن الموسيقى التى بداخله تساعده على فهم نفسه، بليغ كان يصل إلى العصب الحى من أقصر طريق، كانت تذاع ألحانه فى حفلات المساء ويرددها الناس فى الصباح، أنت مع ألحان بليغ لا تركز كثيرا مع الكلام «باستثناء الأغانى الوطنية»، أنت تمسك بنفسك تدندن شيئا يخصك، تضرب جذوره فى مناطق أبعد من زمن بليغ، لم يقدم نفسه باعتباره صاحب مشروع، هو نجح فى جمع الناس حول أنغام منسية بداخلهم، هو قادر على وضع مادة سحرية على الأصوات الغامقة القوية لكى تستقبل الصباح بها.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة