أكرم القصاص

أبناء الشعب.. وأبناء القضاة

الخميس، 18 سبتمبر 2014 07:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثارت تصريحات نائب رئيس محكمة النقض حول تعيينات النيابة والقضاء، جدلًا أو هى جددت الجدل حول تكافؤ الفرص، ومن يضع القواعد لاختيار الوظائف، هل هو التفوق، أم الوضع الاجتماعى؟.. كان الرجل يتحدث عن معايير اختيار أعضاء الهيئات القضائية التى يضعها المجلس الأعلى للقضاء، وقال إن قواعد الاختيار فى الماضى كانت بناء على المجموع، وبعد زيادة عدد الكليات أصبحت معايير الأهلية والصلاحية والكفاءة، ثم قال إنه لم يكن المستوى الاجتماعى محل استبعاد للمرشحين، وقال: لا نقبل ابن عامل النظافة فى النيابة بسبب حساسية منصب القاضى، ووكيل النيابة.

وكانت هذه هى الجملة التى أثارت الجدل، لكنها كانت كاشفة وليست منشئة، والأهم أن المناصب القضائية خلال العقود الأخيرة كانت أقرب للتوريث، بل كان هناك من يدخل من أبناء الأغنياء حتى لو كان الثراء مشبوهًا.

والحقيقة أن فترة الخمسينيات والستينيات كان هناك تكافؤ فرص، ودخل إلى القضاء كثيرون لم يكونوا من عائلات كبرى، ونفس الأمر فى الجامعات والمناصب الكبرى من أبناء الفلاحين والعمال، بل كان عمال النظافة والفقراء يتباهون بأنهم علموا أبناءهم وأوصلوهم بجهدهم لأعلى المناصب، وساهم هذا فى تجديد النخبة، وتكافؤ الفرص.

لكن المفارقة أن نفس هؤلاء الذين وصلوا لمناصبهم بتكافؤ الفرص هم من سعوا لإلغاء القواعد التى وصلوا بها لمناصبهم. وسادت خلال العقود الأخيرة ظاهرة توريث المناصب، بحيث يدخل ابن القاضى حتى لو لم يكن حاصلًا على مجموع يؤهله، وتم منع أبناء الفقراء مهما كان تفوقهم، وكانت قصة عبدالحميد شتا، المتفوق الحاصل على دراسات عليا ولغات، وتم استبعاده من منصب دبلوماسى لمجرد انه ابن فلاح، وانتحر «عبدالحميد» لأن لجنة القبول استبعدته، وهى لجنة كان فيها أبناء فلاحين وفقراء نسوا أصولهم.

واليوم فإن نائب رئيس مجلس القضاء لا يقول جديدًا عندما يعلن استبعاد ابن عامل النظافة المتفوق فى النيابة لحساسية المنصب، وهو لا يقدم تبريرًا لهذه الحساسية، ويمكننا أن نقدم قوائم بقضاة كبار ليسوا من ذوى الدماء الزرقاء.

لقد كان غياب العدل وتكافؤ الفرص هما سبب القنوط والإحباط، وشاع توريث المناصب فى القضاء والخارجية والبنوك والمناصب العليا، وكان بعضها يباع ويشترى، وأصبحت هناك ضرورة لإعادة النظر فى هذه القواعد، ليكون الأكفأ والأكثر تفوقًا هو الأحق، سواء كان ابن قاض أو ابن عامل نظافة، أو نفضها سيرة ونلغى التعليم.. تكافؤ الفرص هو أصل العدل، وبدونه لا يوجد أمل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة