يسطر الشعب الاسكتلندى تاريخًا جديدًا، اليوم الخميس، ويتوجه السكان البالغ عددهم حوالى 5.5 مليون من أجل التصويت على الاستقلال عن المملكة المتحدة بعد أكثر من 300 عام من التبعية للإمبراطورية الإنجليزية، التى كانت تلقب فى القرن التاسع عشر بالإمبراطورية التى لا يغيب عنها الشمس.
حلم الاستقلال يراود الاستكلنديين
لاحت فى الأونة الاخيرة بوادر أزمة فى الأفق بين الحكومة الاسكتلندية بقيادة رئيس وزرائها أليكس سالموند، والحكومة الإنجليزية بقيادة ديفيد كاميرون، وزادت الدعوات داخل اسكتلندا من أجل الحصول على الاستقلال عن المملكة المتحدة، ولو حدث ذلك ستصبح اسكتلندا الدولة المستقلة الأولى التى تنشأ فى أوروبا منذ تفكك يوجوسلافيا الدامى والأحدث نشوءًا منذ انفصال جنوب السودان عام 2011.
تضارب التصريحات بين الحكومتين
قالت الحكومة الاسكتلندية، إن "التصويت لصالح الاستقلال" سيدفعنا للعمل من أجل نقل رسمى للسلطة إلى البرلمان الاسكتلندى من أجل إنشاء منصة دستورية لاسكتلندا مستقلة"، وأضافت أنها ستبدأ كذلك مفاوضات الاستقلال مع الاتحاد الأوروبى "لتحديد شروط استمرار عضوية اسكتلندا المستقلة" بالرغم من تحذير رئيس المفوضية الأوروبية المنتهية ولايته جوزيه مانويل باروزو من أن هذا سيكون "صعبًا جدًا".
ورد المسئوليين البريطانيين على تلك التصريحات سريعًا حيث قال "كاميرون" إن عملية انفصال اسكتلندا عن بريطانيا ستكون طلاقًا مؤلمًا، على حد قوله، بينما بدأ فى التهديد المباشر لحكومة اسكتلندا وتخويفها من أضرار الاستقلال، مثل توغل الإرهاب وانهيار الاقتصاد.
ملكة بريطانيا تخرج عن صمتها أخيراً
كسرت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية صمتها بشأن الاستفتاء، للمرة الأولى، منذ الحديث عن الانفصال عن المملكة، لتقول عقب خروجها من إحدى كنائس بالمورال: "آمل أن يفكر الناس بحرص شديد حول المستقبل"، فى حين أصرت على أنها لا ترغب فى التأثير على الاقتراع، وقالت "إن المسألة تتعلق بالاسكتلنديين أنفسهم" وتخشى الملكة اليزابيث أن تكون آخر ملكة إنجليزية لاسكتلندا.
الاستقلال.. أضرار ومميزات
يؤثر استقلال اسكتلندا على الجانب البريطانى فى عدة قطاعات؛ أهمها القطاع النفطى، ففى حال نجاح الانفصال ستقسم على الأرجح حقول بحر الشمال جغرافيًا وستتحرك حكومة أدنبره سريعًا لفرض سلطتها، ويتواجد 85% من المخزون المعروف فى المنطقة فى مياه ستعود إلى اسكتلندا، فيما سيسهم القطاع بنسبة 15% تقريبًا فى اقتصاد اسكتلندا الجديدة، ومن بين القضايا الاقتصادية الرئيسية ستكون أيضًا كيفية مشاطرة دين بريطانيا البالغ 3,2 تريليون دولار.
وسياسيًا، أكدت الحكومة الإسكتلندية أنها تريد عقد مؤتمر يجمع رجال الأعمال والمجتمع المدنى والنقابات لصياغة دستور يتماشى مع المبادئ الأوروبية.
وبالنسبة للناحية العسكرية، قالت الحكومة الاسكتلندية، إنه يجب أن يوجد حظر دستورى على تخزين أسلحة نووية فى اسكتلندا، كما أنها ستسعى لإزالة "غواصات ترايدنت" النووية البريطانية، المتخذة مقرًا فى قاعدة فاسلين البحرية قرب جلاسكو، مع حلول 2020، ما يمثل معضلة عسكرية بالنسبة لبريطانيا.
أما مسألة الحدود فتبدو معقدة، نظرًا إلى أن مخطط اسكتلندا لتسهيل قوانين الهجرة، قد يؤدى إلى إقامة حواجز وتدقيقات فى سائر أنحاء بريطانيا.
بينما لم تحدد بعد مسألة العملة الممكن أن تستخدمها اسكتلندا، علما أن الحكومة البريطانية استبعدت تشكيل اتحاد نقدى.
استطلاع للرأى.. البريطانيون: "لا" للانفصال
نشرت صحيفة "صنداى إكسبريس" البريطانية، الأحد الماضى، استطلاعًا كشف أن 70% من الإنجليز، الذين لا يحق لهم الاستفتاء يرفضون الانفصال، فيما أيده 20%، فى حين رفض 51% من الإنجليز تدخل الملكة فى الجدل المثار حول القضية، بينما أيده 29%.
استطلاع: 48% من الاسكتلنديين يؤيدون الاستقلال
أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "آى.سى.إم" لحساب صحيفة سكوتسمان، أمس الثلاثاء، أن التأييد للاستقلال فى اسكتلندا ارتفع ثلاث نقاط مئوية إلى 48%، قبل يومين من استفتاء بشأن الاستقلال عن المملكة المتحدة.
وأوضح الاستطلاع أن الدعم وسط الناخبين الاسكتلنديين للبقاء ضمن المملكة المتحدة بلغ 52% انخفاضًا من 55% فى استطلاع مشابه الشهر الماضى.
وأعلنت حملة "نعم لاستقلال أسكتلندا" عن توزيع 2.5 مليون منشور على المنازل فى شتى أنحاء البلاد للترويج للاستقلال، داعين المواطنين للنزول والمشاركة وكتابة تاريخ بلادهم ورسم مستقبلهم.
هتافات مؤيدة وأخرى تُعارض:
خرج آلاف الأسكتلنديين فى مسيرات مؤيدة للاستقلال، أبرزها المسيرة التى أنطلقت فى مدينة جلاسكو مطلع الأسبوع، وأعلن منظمو المسيرة أنها الأكبر فى تاريخ البلاد، مع استغلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة قبل انطلاق الاستفتاء فى التظاهر دعمًا للانفصال.
على الجانب الآخر، نظمت جمعية "أورانج أوردر" البروتستانتية، مسيرة فى شوارع العاصمة الإسكتلندية أدنبرة السبت الماضى، للتعبير عن رفض لاستقلال، والتمسك ببقاء المملكة البريطانية موحدة.
ونظم فى أنحاء اسكتلندا، ناشطون من المؤيدين للانفصال ومن المعارضين له مسيرات فى الشوارع، فيما انضم أعضاء من "أورانج أوردر" من إيرلندا الشمالية وإنجلترا إلى مسيرة السبت الماضى دعما للاتحاد.
ودعا منظمو مسيرة السبت، إلى فعالية سلمية وحثوا المشاركين على "عدم الانفعال والحفاظ على الكرامة"، إذا ما واجهوا أى معارضة من المعسكر المؤيد للاستقلال.
اسكتلندا وبريطانيا.. علاقة 3 قرون
بدأ الاندماج بين اسكتلندا وإنجلترا قبل 300 عام أثناء حكم أوليفر كرومويل ملك إنجلترا، الذى بسط نفوذه على اسكتلندا، وأدى تطور الأحداث فيها إلى إصدار الحكومة لقانون الوحدة فى عام 1707م، ودمجت المملكتين، والبرلمانين، الأسكتلندى والإنجليزى فى كيان واحد عُرف بالمملكة المتحدة، وأصبح للمملكة برلمان واحدٍ يمثل أسكتلندا فيه خمسة وأربعون نائبًا فى مجلس عمومه، وستة عشر عضوًا فى مجلس لورداته، ولم تتمكن المعارضة الأسكتلندية من فض الوحدة، وظلت أسكتلندا منذ عام 1707م جزءًا من المملكة المتحدة وإلى اليوم.
موضوعات متعلقة:
استطلاع: 48% من الاسكتلنديين يؤيدون الاستقلال
"أوباما" فى تغريدة على تويتر: أتمنى بقاء المملكة المتحدة "موحدة"
الاسترلينى يرتفع عشية الاستفتاء على استقلال اسكتلندا
استطلاع: ثلث البريطانيين يطالبون باستقالة كاميرون إذا استقلت اسكتلندا
أحفاد "وليام والاس" على مشارف التحرر من الإنجليز.. و5.5مليون اسكتلندى يصوتون اليوم باستفتاء الاستقلال عن بريطانيا..ودعاة الانفصال: نقل رسمى للسلطة وإنشاء منصة دستورية مستقلة.. وديفيد كاميرون:طلاق مؤلم
الخميس، 18 سبتمبر 2014 07:21 ص
الاسكتلنديون بين مؤيد ومعارض - أرشيفية
إعداد إسلام حشاد - حسن رمضان - وكالات
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة