للمدارس فى كل دولة فى العالم وظيفة رئيسية، وهى تعليم الأطفال وتوعيتهم وتقديمهم إلى العالم، ولكن كلما زاد تقدم الدولة، كلما اختلف المعيار المهنى والأخلاقى الذى تتبناه هذه المدارس لتنتج جيلا ليس فقط على قدر عال من التميز، وإنما متسلح بمكارم الأخلاق، فما بالك بمدارس اليابان!
فقط فى مدارس اليابان، يتعلم الطالب كيفية احترام الآخرين واحترام الوقت، واحترام المكان وتوقير الكبار والتعاون والحب، فإلى جانب المناهج الدراسية التى تدرس فى جميع المدارس فى مختلف الدول، تسعى الحكومة اليابانية لزرع مبادئ إنسانية فى طلابها، وذلك من خلال تعليمهم منذ نعومة أظافرهم الاعتماد على أنفسهم فى دفع مقابل لوجبة الغذاء التى يتلقونها، بل ويقدمونها لزملائهم قبل أن يحصلوا على حصتهم من الطعام، ثم يقومون بتنظيف المدرسة قبل العودة مرة أخرى إلى الدروس.
لذا لم يكن من الغريب أن يقوم المشجعون اليابانيون بتنظيف الملاعب فى البرازيل بعد انتهاء كل مباراة يلعبها منتخبهم الوطنى حتى وإن لم يفز بالمباراة ليقدمون بذلك مثالا فريدا على كيفية احترام الآخرين.
الطلاب يستعدون لتقديم وجبات الطعام لزملائهم
وقضى "اليوم السابع" يوما مع أطفال مدرسة "هيجاشى شيباماتا" الحكومية الابتدائية فى حى كاتشيكاوارد بطوكيو، والتقى مع مديرها أريتوشى هشيادا، الذى أكد أن المدرسة تولى اهتماما خاصا بالتعليم الغذائى وتثقيف الأطفال بأهمية الطعام وأهمية الحفاظ عليه، ولهذا تأخذ المدرسة ثمن وجبة الغذاء يوما بيوم، ورغم أنه رمزى، إلا أن الهدف من ذلك تعليمهم أنه لا يمكن الحصول على شىء مجانا، وأنه يجب العمل مقابل الحصول على ما تريد.
وقبل دخول المدرسة، طلب من وفد الصحفيات تبديل أحذيتهن بأحذية توفرها المدرسة للزائرين، وذلك كعلامة على احترام المكان، إذ أنه من الشائع فى الثقافة اليابانية خلع الحذاء قبل دخول المنزل أو مكان العمل.
مدير المدرسة أريتوشى هشيادا..
وقال هشيادا خلال حديثه مع مجموعة من الصحفيات الأجنبيات اللاتى دعتهن الخارجية اليابانية لحضور فعاليات مؤتمر "الاجتماع العالمى للنساء: طوكيو 2014" إن المناهج التعليمية كذلك ترسخ لفكرة المساواة ما بين الجنسين إذ يحضر كل من الصبية والفتيات جميع الحصص سويا بما فى ذلك من حصص الاقتصاد المنزلى والرياضة والطبخ والخياطة والموسيقى.
الطلاب يصطفون للحصول على وجبة الغذاء
وقال إن الأطفال اليابانيين يلتحقون بالمدارس عند بلوغهم ستة أعوام، ويقضون بالمدرسة 25 ساعة فى الأسبوع، والحصة تستغرق 45 دقيقة، ويدرسون اللغة اليابانية والرياضة والدراسات الاجتماعية والعلوم والموسيقى والفن والرياضة، ويبدأون تعلم الإنجليزية فى المرحلة الخامسة.
وأوضح هشيادا أن المدرسة تفتح أبوابها من الثامنة صباحا ويستمر اليوم الدراسى حتى الرابعة، ولكن نظرا لظروف بعض الأمهات العاملات، تسمح المدرسة ببقاء الأطفال حتى الساعة 6:30 وتوفر لهم مربيات، فضلا عن وجود متطوعين محليين يساعدون المدرسة مقابل أن تسمح لهم بلعب أطفالهم فى ملاعبها أو الاستفادة من الأنشطة الصيفية التى تقدمها.
الطلاب يرتدون زيا معينا استعدادا لتقديم الطعام لزملائهم
وردا على سؤال "اليوم السابع" حول الراتب الشهرى الذى يحصل عليه المدرس اليابانى، قال هشيادا "إن هذا يعتمد على سنوات الخدمة، ولكن بوجه عام يحصل المدرس الشاب بعد خصم الضرائب على ما يقرب من 200-250 ألف ين شهريا، بينما يحصل المدرسون ذوى الخبرة على ما يقرب 500-600 ألف ين شهريا، بالإضافة إلى العلاوات".. ويمنع القانون المدرسين من العمل بأى وظيفة أخرى، لاسيما وإن هذا الراتب يمكنهم من العيش جيدا.
اللافت للنظر أن طلاب المرحلة الابتدائية فى المدارس الحكومية اليابانية لا يرتدون زيا موحدا ويرتدون ملابسهم العادية.
محررة "اليوم السابع" مع التلاميذ بالصف الثانى الابتدائى
ويتعلم الطلاب فى المدرسة كيفية التحضير لوجبة الطعام، ويتناوبون على من يقدم الوجبة لزملائهم وقبل تقديمها، يرتدى مجموعة من الطلاب زيا أشبه بزى الأطباء ويحضرون الطعام المكون من خبز ولبن وفاكهة وحساء إما دجاج أو لحم بقر أو خنازير، ويأتى الأطفال بالدور بعد أن يجلب كل منهم طبقه ليضع له زملاؤه الطعام به ثم يأخذه ويجلس مكانه ولا يبدأ طعامه حتى ينتهى الجميع من ملء أطباقهم بالطعام ثم يتلون صلاة ويبدأون الأكل معا.
وأثناء وجبة الطعام يبدأ الأطفال فى الغناء أو التحدث مع بعضهم بعضا فى جو ملئ بالحب والمرح، وبعد الانتهاء من وجبة الطعام، يقومون بتفريغ محتوى أطباقهم فى المكان المخصص، ويضعون الأطباق على الطاولة، ثم يذهبون لغسل أيديهم وأسنانهم بالفرشاة، ثم ينظفون المدرسة.
تلميذة تأخذ حامل الطعام لأخذ وجبتها الساخنة
الطلاب يأخذون دورهم للحصول على وجبة غذائهم
المدرس يشرف على التلاميذ وهم يقدمون الطعام
جانب من الفصل الدراسى
اليابان تسعى لتعليم الأبناء أهمية احترام الطعام واحترام الآخرين
الدراسة والغذاء فى المدارس اليابانية
وجبة الطعام المقدمة للتلاميذ
صورة جماعية مع تلاميذ صف 2-1
الأطفال ينظفون المدرسة بعد الأكل
المدرسة تسعى لتعليم الأطفال أهمية الاعتماد على النفس
تنظيف المدرسة مسئولية التلاميذ
مدير المدرسة أثناء جولة مع وفد الصحفيات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة