يحكى ابن بطوطة فى حلقة اليوم، نوادر من رحلته لمدينة بخارى، ويسرد حكاية أدهم الورع الذى جرى وراء السلطان خمس ليالى لكى يحلل له أكل تفاحة سقطت على رأسه من بستان.
تفاحة أدهم تسقط على رأسه
مر أدهم ذات يوم ببساتين مدينة بخارى، وتوضأ من بعض الأنهار التى تتخللها، فإذا بتفاحة يحملها ماء النهر. فقال: هذه لا خطر لها. فأكلها، ثم وقع فى نفسه من ذلك وسواس، فقرر أن يستأذن من صاحب البستان، فقرع باب البستان فخرجت إليه جارية. فقال: أريد أن أقابل صاحب المنزل فقالت إنه منزل إمرأة.
فقال: استأذنيها لى، ففعلت فأخبر المرأة بخبر التفاحة. فقالت له: إن هذا البستان نصفه لى، ونصفه للسلطان، والسلطان بمدينة بلخ وهى على مسيرة عشرة أيام من بخارى وقالت المرأة إنها سامحته فيما يخصها من البستان المرأة.
أدهم يسافر خمس ليالى لكى يُحلل أكل التفاحة
قرر أدهم أن يذهب إلى بلخ فاعترض السلطان فى موكبه فأخبره الخبر، وسامح السلطان فى ما يخصه من البستان، فأمره أن يعود إليه من الغد. وكان للسلطان بنت بارعة الجمال، قد خطبها أبناء الملوك فتمنعت وحببت إليها العبادة وحب الصالحين. وهى تحب أن تتزوج من ورع زاهد فى الدنيا. فلما عاد السلطان إلى منزله أخبر ابنته بخبر أدهم، وقال: ما رأيت أورع من هذا، يأتى من بخارى إلى بلخ لأجل نصف تفاحة. فوافقت على الزواج منه.
الملك يطلب أدهم لابنته
فلما أتاه بعدها بيوم، قال: لا أحلل لك التفاحة إلا أن تتزوج بابنتى. فوافق على مضض فتزوج منها، فلما دخل عليها وجدها متزينة، والبيت مزين بالفرش. فعمد إلى ناحية من البيت، وأقبل على صلاته حتى أصبح، وظل على هذا الحال سبع ليالى.
وكان السلطان لم يفعل من قبل فطلب منه أن يحلل له أكل التفاحة، فقال لا أحلك حتى يقع اجتماعك بزوجتك. فلما كان الليل واقعها، ثم اغتسل، وقام إلى الصلاة فصاح صيحة وسجد فى مصلاه فوجد ميتا رحمه الله، وحملت منه، فولدت إبراهيم. ولم يكن لجده ولد فأسند الملك إليه.
قبر "إبراهيم بن أدهم" مزار للفقراء
ووضع على قبر إبراهيم بن أدهم زاوية حسنة فيها بركة ماء، وبها الطعام للقادم والمغادر، وخادمها إبراهيم الجمحى من كبار الصالحين والناس يقصدون الزاوية ليلة النصف من شعبان من كافة أقطار الشام، ويقيمون بها ثلاث ليالى.
ويلحق بها خارج المدينة سوق عظيم، فيه من كل شىء ويأتى الفقراء من كل صوب وحدب لحضور الموسم، وكل من يأتى من الزوار لهذه التربة يعطى لخادمها شمعة، فيجتمع من ذلك قناطير من الشموع.
الطائفة النصيرية ومعتقدات غريبة
وأكثر أهل هذه السواحل الطائفة النصيرية الذين يعتقدون أن على بن أبى طالب إله، وهم لا يصلون ولا يتطهرون ولا يصومون. وكان الملك الظاهر ألزمهم بناء المساجد بقراهم، فبنوا بكل قرية مسجدا بعيدا عن العمارة ولا يدخلونه ولا يعمرونه. وربما أوت إليه مواشيهم ودوابهم وربما وصل الغريب إليهم فينزل بالمسجد ويؤذن إلى الصلاة فيقولون لا تنهق، علفك يأتيك، وعددهم كثير .
أخبار متعلقة:
الحلقة التاسعة.. ابن بطوطة يروى رحلته لبلاد الشام.. كيف انتقم الملك الناصر من قتلة أخيه؟.. قرانسقور أمير حلب هرب من الثأر وانتحر بخاتم مغموس فى السم بعد حروب طويلة
الحلقة العاشرة.. ابن بطوطة يصل بخارى.. ويروى حكاية تفاحة زوجة أدهم الورع من بنت السلطان وأورثت ابنه الحكم.. وأهل الطائفة النصيرية بسواحل سوريا يعبدون على ابن أبى طالب ويصفون الأذان بـ"النهيق"
الثلاثاء، 02 سبتمبر 2014 12:58 ص
ابن بطوطة
تحررها سارة علام
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة