احتفل مؤخرا الشاعر العراقى الكبير سعدى يوسف بعيد ميلاده الثمانين، وتزوج فى المنفى، وصدرت أعماله الشعرية الكاملة فى سبع مجلدات عن دار الجمل، هو شاب لا يزال، يكتب شعراً طازجاً ويعبر عن رأيه بجسارة، نجا من شراك البلاغة القديمة، وأسس قصيدته هو، التى تشبه إيقاعه الهادئ، قصيدته الموزونة كانت ولا زالت ملهمة للأجيال التى تخلت عن الإيقاع المجانى، لم يقف فى طابور الريادة ينتظر العطايا، واختار مقعده بين الناس الذين يحلم لهم، فى وطن حاصرته الأمراض القديمة وأطماع الغزاة، اختار الشيوعى الأخير الشوارع التى تفضى إلى الأمل، لغته الصافية وإيقاعه الصوفى وغضبه المحبب يشيرون إلى الطيبة التى تستهدفها بوارج المستعمرين، ملامحه المنحوتة تشير إلى رجل عابر للأزمنة والمنافى، يسمى العملاء عملاء ويشم رائحة الخيانة قبل الجميع.
سعدى يوسف أستاذى وصديقى الكبير فى الثمانين، نظيف القلب واليد، عندما يكون منفعلا تنضح عليه طفولة قديمة، رجل بسيط لدرجة مربكة، محبته للحياة جعلته الأقرب، محمود درويش كتب عنه «منذ قرأت شعر سعدى يوسف صار هو الأقرب إلى ذائقتى الشعرية، فى قصيدته الشفافة صفاء اللوحة المائية، وفى صوتها الخافت، وقد أجازف بالظنّ أنه، ومن دون أن يكتب قصيدة النثر السائدة اليوم، أحد الذين أصبحوا من ملهميها الكبار، فهى تتحرك فى المناخ التعبيرى الذى أشاعه شعر سعدى فى الذائقة الجمالية، منذ أتقن فنّ المزج بين الغنائية والسردية»، الاحتفال بسعدى وبأعماله وهو فى الثمانين كان ينبغى أن تنتبه إليه القاهرة العاصمة، لأنه احتفال بشىء كبير فى الثقافة العربية، احتفال بالشعر الرائق، احتفال بالمقاومة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة