مرت أول مائة يوم مع السيسى رئيسا، وجريا على الموضة الغربية والأمريكية، مطلوب منا أن نقول هل نجح الرجل أم فشل فى إدارة البلاد فى أول ثلاثة شهور تقريبا، لم نكن نأخذ بهذا من قبل، عرفنا هذه النزعة بعد ثورة يناير، وكانت شؤما على محمد مرسى الذى «فتح صدره» ووعد المصريين بأن يأتى لهم بلبن العصفور فى أول مائة يوم، وخلالها سوف يقضى على مشكلة المرور، ويعيد الأمن، ويأتى لمصر بأربعين مليار دولار كانت جاهزة للضخ فى الاقتصاد المصرى بمجرد فوزه، ففشل فشلا ذريعا فيما ألزم به نفسه، دون أن يلزمه أحد، وسقطت البلاد فى مزيد من مستنقع الفوضى، والغياب الأمنى، والتردى الاقتصادى، وتفرغ لما جاء من أجله بتمكين الجماعة سريعا للسيطرة على أوصال الدولة.
الأمر مع السيسى مختلف، نحن أمام رجل دولة، ثورى فى تفكيره، نعم لكن ثورته قائمة على أرض الواقع، وليس مجرد الأحلام الوردية، عرض حقيقة الأمر على المصريين وقال لهم إن الواقع مر، والاقتصاد منهار، وليس فى يده عصا سحرية يصنع بها المستحيل، وعصاه الوحيدة هى الإنسان المصرى الذى إذا أخلص يصنع المستحيل، وخاض السيسى خلال المائة يوم الأولى أكبر وأهم المعارك فى رأى، وهى معركة استنهاض همة المصريين.
وعندما أراد أن يخوض أول معاركه لتغيير صورة الحياة فى مصر عبر مجموعة من المشاريع العملاقة التى سوف تسهم فى تغيير الخريطة السكانية وتعيد توزيع الثروة وتنقذ الجانب الأكبر من المصريين من الفقر، راح يذكرهم بأشرف وأعظم معاركهم، معركة السادس من أكتوبر التى خاضوها دفاعا عن الأرض والعرض والشرف بعد عدة سنوات من هزيمة مرة قاسية.
وبدأ بشىء قد لا يصب فى صالح شعبيته، بدأ بالحل الذى تأخر كثيرا، بمعالجة جزئية للخلل فى أسعار الطاقة التى تستخدم فى وسائل النقل، وتقبل الناس العلاج المر بعد أن وثقوا فى الطبيب، وفشلت أول حرب مضادة، ولكن الطابور الخامس يأبى أن يسلم، راح يطلق كلابه المسعورة فى الداخل والخارج للنيل من إرادة هذا الشعب وعقابه على اختياراته، وتحرك الطابور فى وزارة الكهرباء يظلم حياة الناس ويحيلها إلى جحيم، لعل وعسى تتذمر الناس، ويتحول التذمر إلى ثورة على غرار الثورة ضد مرسى وجماعته، وأيضا خاب المسعى.
إذا استبعدنا شهر رمضان نستطيع أن نقول إن البداية الحقيقية للناس مع السيسى بعد انقضاء رمضان الكريم، وكان مشروع القناة الجديدة هو عربون المحبة والرضا بين السيسى والشعب.
وأطلق السيسى عدة مشروعات قومية، بدأت على أرض الواقع، شبكة طرق، فلا تنمية حقيقية بدون تنمية، واستزراع مليون فدان بعد تدبير مواردهم المائية، إضافة إلى المشروع القومى لإسكان الشباب.
نحن إذن أمام رئيس يليق بمنصب رئاسة مصر، يعقل تحركاته، ويدرك خطورة وأهمية دور مصر، ويتصرف على هذا الأساس، نحن أمام رئيس يعيد بناء دولة كادت تنهار بفعل اللئام، الأهم أنه يعيد ثقة المصرى ببلده والأعم ثقته فى نفسه، وفى قدراته.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة