أوروبا حبست أنفاسها ووقفت المملكة البريطانية العجوز على أطراف أقدامها حتى إعلان نتائج استفتاء الشعب الأسكتلندى على الاستقلال عن المملكة، القارة العجوز كانت تنتظر النتيجة لأن نجاح الاستفتاء بنعم للاستقلال الأسكتلندى معناه أنه بداية لمطالبات أخرى بالاستقلال من مقاطعات أخرى داخل بلدان أوروبية مثل إسبانيا وصراعها مع إقليم كتالونيا الذى ينتمى إليه فريق برشلونة، بل إن النجاح نفسه قد يشجع بلدان أخرى داخل تحالف « التاج البريطانى » على إجراء استفتاء الاستقلال مثل ويلز وإيرلندا بشمالها وجنوبها وتفتت وحدة القارة الأوروبية وما يتبعه من إرادات وتحالفات سياسية جديدة لدول القارة الجديدة. لكن الأخطر بالنسبة لبريطانيا العظمى أن نجاح التيار القومى الأسكتلندى فى الخروج بنتيجة إيجابية للاستفتاء كان يعنى زلزالا سياسيا واقتصاديا وربما عسكرى ضخم فى جسد الإمبراطورية، فأسكتلندا تسيطر على معظم حقول الغاز والبترول للمملكة المتحدة فى بحر الشمال وهناك القاعدة العسكرية، وادنبرة تساهم بالنصيب الأكبر من باقى أعضاء التاج البريطانى فى الناتج المحلى والموازنة العامة. يعنى ذلك أن إنجلترا لن تعد الدولة العظمى صاحبة العضوية الدائمة فى الأمم المتحدة. على أى حال الجيل القديم من كبار السن فى الشعب الأسكتلندى حسم الأمر وصوت لصالح الوحدة تحت شعار التاج البريطانى، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون فى كلمته بعد ظهور النتائج بالقول «بأن الحديث عن الاستقلال لن يحدث إلا بعد جيل من الآن .» كاميرون قرأ تفاصيل نتائج التصويت وايقن أن جيل الشباب من 16 عاما وحتى 45 عاما كانوا بنسبة 60 % مع القومية الأسكتلندية والدولة الجديدة والاستقلال ومن حسم المسألة هم كبار السن، وهذا إنذار جديد ودرس قاس للعاصمة الجامعة لندن بأن هناك واجبات سريعة عليها أن تنجزها للأسكتلنديين وتوسيع الصلاحيات السياسية والمزيد من السلطات للحكومة المحلية. قرار الأسكتلنديين البقاءداخل الاتحاد البريطانى لم يكن تفويضا أو شيكا على بياض للسلطة الاتحادية بل درسا قاسيا فهمه واستوعبه كاميرون الذى خرج على الفور ليعلن الالتزام بتعهداته التى قطعها بشأن منح أسكتلندا سلطات واسعة تتعلق بالضرائب والإنفاق والرخاء الاجتماعى. بل زاد بأن الجماهير فى إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية يجب أن يكون لديهم مزيد من التأثير فيما يتعلق بإدارة شؤون حياتهم ومستقبلهم