الإخوان كاذبون ولا عهد لهم ولا أمان، ومن يتصور أنهم يريدون المصالحة والانضواء تحت راية الدولة المصرية، واهم ويعيش فى الخيال، واستراتيجيتهم منذ نشأتهم هى التحالف مع أنظمة الحكم فى البلاد، ثم الانقلاب عليها والصدام الدموى بها، فعلوا ذلك مع القصر قبل ثورة 52، ومع عبدالناصر والسادات، الأول استخدم معهم القبضة الحديدية فاستراح وأراح البلاد من شرهم طوال فترة حكمه، والثانى فتح لهم السجون والمعتقلات فى بداية حكمه، أملا فى أن يردوا له الجميل ويدعموا حكمه فى مواجهة الشيوعيين واليساريين والناصريين، فقتلوه فى المنصة وأدخلوا البلاد حربا دموية لمدة 15 سنة، أما الرئيس مبارك فقد بدأ حكمه قويا عليهم، واستدعى قبل حلفه اليمين محافظ أسيوط الإخوانى محمد عثمان إسماعيل، قائلا له: لا يهمنى أن تنقص محافظات مصر محافظة، فى إشارة لعزم الرئيس الجديد اجتثثاث الإرهاب من جذوره، وعندما ضعفت قبضة الدولة فى نهاية حكم مبارك، تآمر عليه الإخوان وخلعوه وبهدلوه وكادوا أن يضيعوا مصر وشعبها وأرضها وتاريخها.
الدرس المستفاد من ذلك هو: انتبهوا ولا تنخدعوا ولا تبتلعوا طعم المصالحة، ففيه سم قاتل يتيح لهم التقاط الأنفاس وإعادة ترتيب الصفوف والانقضاض على السلطة من جديد، تماما كما فعل اليهود فى هدنة حرب 1948، وأنا عن نفسى أتحسس مسدسى كلما زاد ظهور أحمد كمال أبو المجد والهلباوى وغيرهما من دعاة المصالحة، وأتخوف من عبارات التسامح والود والمداهنة والعيش فى هدوء، التى تحمل فى باطنها قبلة الحياة لعودة الجماعة بعنفها وإرهابها وأيامها السوداء، وانقضاضها على البقية الباقية من هيبة الدولة، فتبدو كالخصم الذى يجلس على طاولة التفاوض مع عدوه، للاتفاق حول وقف إطلاق النار وفض الاشتباك والانسحاب المتكافئ وتبادل الأسرى وإطلاق سراح السجناء، بما يعنى كفتان متساويتان وسلطتان وقوتان على قدم المساواة، وكأننا لسنا فى دولة واحدة تفرض سلطتها وقوانينها على أرضها وشعبها.
على هذا النحو لم أفهم تصريح السيسى حول المصالحة كما فهمه أبوالمجد والهلباوى وأصحاب نظرية المناديل البيضاء واللحى الطيبة، بل فهمته تأكيدا لسلطة الدولة وقوتها وعزمها على المضى فى مكافحة الإرهاب مهما كان الثمن والتضحيات، فعندما يؤكد أن المصالحة بيد الشعب المصرى، فهو يعود إلى محطة 30 يونيو، التى خرج منها ملايين المصريين ضد الإخوان وحكمهم وجرائمهم، فما الذى تغير منذ ذلك التاريخ، وهل أوقفوا القتل والحرق والتخريب ونبذوا العنف.