نادية لطفى من الفنانات القليلات اللائى يجب أن يطلق عليهن، «لقب الست»، بما تحمله تلك الكلمة، من تقدير واحتفاء، بكلمة الست وبعيدا عما أصابها من ابتذال، «الست» المقدسة فى الديانات، والتى كانت مرادفا للحياة والخصوبة والقدرة على الفعل فى كل الحضارات والديانات القديمة.
نادية لطفى تنتمى لهذا النوع، امرأة تعرف حقا قدر أنوثتها ودلالها، وموهبتها، ولكنها تقدر أكثر قيمة عقلها، وكونها امرأة تملك عقلا موضوعيا وعمليا، نمته بقدر كبير من الثقافة، والست نادية يجب أن تكون نموذجا تنشده معظم النساء المصريات، فهى ليست مجرد فنانة شديدة الموهبة، تألقت وقدمت العديد من الأدوار المميزة والتى لا تزال عالقة فى الأذهان، وبعضها تحول إلى أيقونات فى تاريخ الفن العربى، كما أنها كانت تملك القدرة على التلون وتغيير أدائها لتتمرد على ملامحها الشقراء، خصوصا أن البعض كان يحاول حصرها فى نوعية أدوار بعينها، نادية التى تملك من اسمها نصيبا كبيرا، فهى امرأة نادية رطبة مهما طال الزمن، وكريمة وسخية لا تتوقف عن العطاء الذى يعد مذهبها فى الحياة، تعطى من روحها، ورغم ثبات مواقفها واحترامها لمبادئها، فإن عقلها طيع وندى يقبل الآخر، ويتفهم أسبابه.
وهى أيضاً مناضلة ولم تخن مبادئها، تعرف قيمة الوطن وضرورة الحفاظ عليه، رغم ما يعانيه من «صلع فكرى» يهدده، نادية تلك المرأة الصعيدية التى نجحت بتمردها وباتت قادرة على الفعل، لم ترض أبدا فى كل حياتها أن تتحول إلى رد فعل لكل ما يدور حولها، وعندما أكتب عن عظمة المرأة وما يجب أن تكونه ممثلا فى شخصيتها، ليس فقط لأن مهرجان القاهرة السينمائى قد اختارها لتكريمها ومنحها الهرم الذهبى الشرفى، ووضع صورتها على بوستر المهرجان كعين الحياة، والعين التى تنظر داخل عوالم السينما.
أكتب عن نادية لطفى ليس لذلك فقط، بل لأننى عندما ذهبت لزيارة المخرج المبدع رأفت الميهى فى غرفته بمستشفى المعادى للقوات المسلحة، كانت نادية حاضرة بقوة رغم عدم قدرتها على الذهاب إلى المستشفى لرؤيته، إلا أنها تتابع أدق تفاصيل حالته مع الأطباء، وتطمئن على مواعيد تعاطيه الدواء، نادية القلب، تعمل لمن لا يعرف بطاقة نقابة كاملة، تتواصل مع كل أجهزة الدولة وتحرك «الورق الذى يعطله الروتين الحكومى»، تتابع زملاءها وأصدقاء ورفقاء المشوار الذين أكلتهم المهنة، ونسيهم الآخرون هى لا تنسى أحدا، وتسأل عن الجميع، وتسخر طاقتها وكل روحها لمساعدتهم.
الست نادية لا أعرفك شخصيا، ولكن لا بد أن أقول إننى من محبيك، وأجدك حاضرة بقوة فى عيون وقلوب كل من يعرفك، لذلك أنا من مريديك خصوصا أنك نموذج لما يجب أن تكون عليه المرأة أو الست الكاملة.
أعرف جيدا أنها ترفض أن يتحدث أحد عما تقوم به، خصوصا أنها تقوم بذلك من قلبها وليس من باب الاستعراض أو ليتحدث عنها الإعلام، سامحينى لو تحدثت ولكن حاولت فقط أن أعبر عن محبتى وتقديرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة