مصر الجديدة تتطلع لمشاركة العقول والأفكار الشابة للمساهمة بفاعلية فى دفع عجلة التنمية.. لم يعد خافيًا على أحد أهمية منظومة العلم والتكنولوجيا، والمعلومات والمعرفة، والإبداع والابتكار فى بناء مصر الجديدة.. الإبداع والابتكار ليسا حكرًا على الدولة المتقدمة، بل إن الدول النامية أكثر احتياجًا لأفكار تسبق الزمن، وتخرج عن المألوف، وتقفز فوق الفكر النمطى.. مصر عانت من أزمات كثيرة فى السنوات السابقة، كان أشدها هو تجريف العقول، بالإضافة لأزمات اقتصادية طاحنة، فضلا على حرب حقيقية ضد الإرهاب، وبالتالى فى أشد الحاجة إلى أفكار تساعدنا فى الخروج من عنق الزجاجة.. حاولنا فى مبادرة «فكرتى» فى أثناء الحملة الانتخابية لسيادة الرئيس فى خلال أقل من شهر، وبتكلفة تطوعية، أن نعطى نموذجًا مبسطًا ومتواضعًا عن وضع آلية متكاملة لكيفية إدارة الأفكار الإبداعية، وتم اقتراح عشرة مجالات تمثل مشاكل حقيقية وملحة نعيشها فى مصر.. تقدم 880 ووصل الفرز الأول إلى 30، ثم الفرز الثانى إلى عشرة من خلال شبكة من المتخصصين تضم 42 خبيرًا متطوعًا أيضًا قاموا بتقييم الأفكار بطريقة علمية وموضوعية ثم كان العرض النهائى final pitching لتحديد الفائزين.. أهم رسالة كانت تهدف إليها هذه المبادرة هى أن الاستحقاق كان بناءً على الكفاءة والأهلية المجردة، وبشفافية تامة، والتكريم الرمزى والمعنوى وقت الحملة من السيد الرئيس الذى أسعد الفائزين بكل شك كان مغزاه أن المجهود والكفاءة والعلم كانت المعيار الأساسى والوحيد وليس أى معيار آخر.
مبادرة «فكرتى» على مستوى الحملة تختلف تمامًا عن التنفيذ على نطاق الدولة، واذا كان نهاية مطاف الفكرة فى أثناء الحملة هو تكريم من سيادة الرئيس، فإن النجاح الحقيقى للفكرة والتكريم الأعلى هو التنفيذ الفعلى على أرض الواقع، وأن يكون التكريم من ملايين المصريين الذين استفادوا فعليًا، وكثيرا ما يُطرح سؤال: مصر بكل إمكانياتها البشرية داخل وخارج مصر ألا نستطيع أن نجد فكرة أو فكرتين خارج الصندوق تستطيع أن تعالج مشاكل ملحة يعانى منها المواطن المصرى؟ وهل بالضرورة أن يقع على عاتق الحكومة إيجاد الحلول ثم تنفيذها؟.. هناك عدة كيانات فى الدولة اختصت بالأفكار والإبداع، منها صندوق البحث العلمى والتنمية التكنولوجية «وكان يتبع المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا»، وهناك مركز للإبداع التكنولوجى فى وزارة الاتصالات، وفى وقت من الأوقات كان هناك بنك للأفكار فى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، ومجهودات أخرى فى وزارة الصناعة، وهيئة التنمية الصناعية، وهناك المركز القومى للبحوث ونوادى العلوم والتكنولوجيا، ومدينة زويل، وجامعة النيل وغيرها.. لا أحب أن أقول إنها جزر منعزلة، لكنها مجهودات عظيمة ومشكورة، ولكن أعتقد أن التفكير فى كيان مجمع ومستقل لإدارة الأفكار الإبداعية ربما يستحق الاهتمام.
منذ عدة أيام تلقينا دعوة من مؤسسة الرئاسة أنا ومجموعة الشباب الفائزين فى مبادرة «فكرتى» للقاء الرئيس، وكنت أحسبه لقاء وديًا لمناقشة عامة، وسماع وجهة نظر الشباب، لكنه كان لقاء ذا طابع رسمى فى قاعة مجلس الوزراء بالاتحادية، وبحضور بعض المسؤولين والوزراء المعنيين.. لفت نظرى هدوء الرئيس، وشدة تواضعه و«صبره» عند الاستماع للمتكلم.. كان لا يقاطع أحدًا إلا نادرًا، ويستأذن قبل المقاطعة، ثم جرى نقاش جاد حول كيفية تطبيق الأفكار على أرض الواقع مع الشباب والمسؤولين، وقام بتكليفى أنا ومجموعة من شباب «فكرتى» بالتنسيق مع الوزراء، وعرض تصور له فى خلال الأسبوع! وكنت على وشك محاولة مد الفترة لأسبوعين أو ثلاثة على الأقل، لكنى تذكرت ما فعله الرئيس فى افتتاح مشروع قناة السويس، وإصدار توجيهاته باختصار الوقت إلى ثلث المدة.. فاكتفيت بالإيماءة بالموافقة.. وللحديث بقية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة