حجم الإنجاز الآن يقاس بحجم ما يمكن انتاجه من معارك وهمية. والنجم لهذا الزمان، هو القادر على إنتاج أكبر قدر من الشتائم. وهى ليست معارك سياسية على أفضل الطرق لإنتاج برلمان، أو أهم طريقة يمكن من خلالها تمكين وتدريب ملايين الشباب. لكن النتاج الأكبر لصراعات التوك شو والتواصل الاجتماعى، هو كيف يمكن اصطياد جملة وتحويلها إلى نكتة، أو توظيفها للانتقام من خصم.
لا نقول هذا بمناسبة ماجرى مؤخرا من معركة بلا أصل ولا فصل، طرفاها باسم يوسف، وخالد أبوبكر، وتوابعها، الموضوع ليس من شتم ومن دافع. أو من احتفى بمافعله باسم واعتبره نصرا، ومن أدان باسم واعتبره شتاما، وأيد خالد أبوبكر. وهؤلاء كان موقفهم محددا سلفا ولم يكونوا فى حاجة لجديد.
الأهم وما تبقى من كل هذا هو الشتائم والألفاظ التى زينت الموضوع. ربما ما كان لها أن تحدث لو اكتفى خالد أبوبكر بالمناقشة فى جلسة خاصة، يحدث مثلها يوميا. أو اكتفى باسم بشرح مشكلته.
هذا مجرد مثال، لأن من ينتقدون إطلاق الشتائم من باسم لايرون أن الشتائم أصبحت الوجبة الأهم فى الكثير من برامج التوك شو، وأصبح هناك طبق يومى أو أكثر يخرج فيه المذيع «التوكشوهى» ليصرخ ويهدد ويزبد ويلعن، أو يستضيف أحد كبار الشتامين.
لا فرق بين ثورى وفل ولا بين مؤيد ومنافق، فقط تختفى العقول، وتغيب القضية الأصلية التى تخص الناس والمجتمع، ومن غير الصحيح القول إن الجمهور عاوز كده، الجمهور أثبت دائما أنه أوعى من كل هذا، الجمهور هو الذى أصابته الحيرة والشوشرة من غياب النقاش وشيوع السب العلنى.
نحن أمام مرض مستعصى فى الكثير من منابر الإعلام والتواصل الاجتماعى، التى تفرض وجبات فاسدة على الجمهور، وتشيع الصراخ والصدام، ولا تقدم جدلا ولا نقاشا يمكن فيه تفهم ما يجرى فى مصر والعالم.
ويكتفون بترويج الطائفية بين الشيعة والسنة، أو المسلمين والمسيحيين، أو المواطنين وبعضهم، المهم أن تكون هناك معركة تصب الزيت والبنزين على النار.
وفى وقت تشيع فيه الشتائم من كل الأطراف، ويكاد يكون نجم هذا الزمان هو الشتام اللعان، تختفى شروح حقيقية لقضايا مرت فى الداخل والخارج، ويبقى فقط المتهورون والصارخون، وهناك مثل شعبى يقول «دى مش دبانة.. دى قلوب مليانة» عن المعارك حول أسباب تافهة، بينما تعكس تعبئة فارغة بمعارك وهمية. تجعلنا فى حالة من السب العلنى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة