قص علينا د. عبدالعزيز جمال الدين، محقق «كتاب تاريخ البطاركة»، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، نقلا عن بن المقفع: (.. كان جالسا عند قاضى القضاة إذ عبر عليهم كلب، وكان يوم الجمعة، وكان هناك جماعة من الشهود، فقال له قاضى القضاة: «ماذا تقول يا ساورى فى هذا الكلب، هو
نصرانى أم مسلم؟» فقال له: اسأله فهو يجيبك عن نفسة، فقال له القاضى: «هل الكلب يتكلم؟ إنما نريدك أن تقول لنا»، قال: نعم يجب أن نجرب هذا الكلب، وذلك أنه يوم جمعة والنصارى يصوموا ولا يأكلوا فيه لحم، فإذا فطروا عشية يشربوا النبيذ، والمسلمون ما يصومون ويأكلون فيه اللحم فحطوا قدامة لحما ونبيذا، فإن أكل اللحم فهو مسلم، وإن لم يأكلة وشرب النبيذ فهو نصرانى، فلما سمعوا كلامه تعجبوا من حكمته وقوة جوابة وتركوه). ذلك ساورى بن المقفع القبطى، الذى سمى نفسة «بن المقفع» تيمنا بعبد لله بن المقفع الكاتب الشهير فى القرن الثامن الميلادى الذى نقل عن «البهلوية» كليلة ودمنة.
تربى «ساورى» (ابن المقفع) تربية تليق بمثقف، فى القرن العاشر الميلادى، وجمع بين علوم الدنيا والدين، الفلسفة وعلوم الكلام، وأتقن اللغة العربية، وعمل فى الدواوين، ووصل فى عصر الدولة الإخشيدية إلى منصب «كاتب ماهر»، وهى رتبة تقارب الوزير الآن، ونال ثقة الملك المعز لدين الله، (972ـ975) وألف العديد من الكتب: «المجامع» و«مصباح الظلمة فى إيضاح الخدمة»، «مصباح العقل» وغيرها من الكتابات فى المسيحية وعلم الكلام، لست أدرى لماذا ربطت بين بن المقفع ونجيب ساويرس، ابن مقفع عصرنا؟
هل الفكاهة التى قبلت من بن المقفع فى عصور الدولة الإخشيدية .. ولم تقبل من بن ساويرس فى عصر الدولة الإخوانية؟ أم فطنتيهما (بن المقفع فى العلوم وبن ساويرس فى الاقتصاد)؟، وإن كان ساويرس بن المقفع أرخ لولاة الدولة الإسلامية والبطاركة، فإن نجيب بن المقفع قام بعمل جائزة باسم شيخ الأزهر الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوى، وتصوروا أن هذه الجائزة لحفظة القرآن الكريم، وأسس مؤسسة
ساويرس التى تهتم بالثقافة والشعر والأدب، وقناة أو تى فى، للإعلام، وقام بتقبيل يد الإمام الأكبر أحمد الطيب، دعم بن المقفع بيت المال، ونجيب تحتل شركاته ثلث استثمارات البورصة، دعم السينما المصرية فى زمن الإرهاب، وأكمل مشوار طلعت حرب، وكما اهتم ساورى بن المقفع بالهوية المصرية.. صار على دربه نجيب، هذا هو المسيحى الديانة المسلم الثقافة.
للعلم لم ألتقِ نجيب بن المقفع إلا مرة واحدة منذ عشرين عاما!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة