ولدت فى قرية صغيرة بمحافظة كفر الشيخ لأب توقف تعليمه عند سن العاشرة، ولأم لم تتعلم بالأساس «تعليم المدارس»، لكنها تعلمت «تعليم الفلاحين»، من المحافظة على العادات والتقاليد والأصول، وأن «العيب ما يطلعش منها»، وتميزت أمى بحسن اختيار الكلمات، فأكرمها ربى بالتوفيق فى الدعوات، فاعتدنا أن نجلس تحت قدميها ونقول لها «ادعيلنا يا حاجة، دا إنتى دعواتك مبروكة».
لى من الإخوة 9، تدعو لهم أمى جميعًا، لكنها تخصنى وشقيقتى الصغرى «هند» بالدعوات الدائمة فى أوقات متكررة، حتى إن إخوتى دائمًا يحسدوننى وشقيقتى قائلين «أيوا ما انتو دعوات الحاجة ليكم إنتم بس»، ودعوة أمى لى دعوة مركبة ثلاثية كانت دائمًا تقول: «روح يا ابن بطنى ربنا يكرمك بالرزق الحلال، وبالزوجة الطيبة بنت ولاد الأصول اللى ترعى البيت وتصونه، وبالخلف الصالح الكثير».
الحمد لله، تحققت دعوة أمى، رزقنى ربى بعمل حلال، وبزوجة طيبة بنت أصول، شريكة حياتى همت سلامة، وبالخلف الصالح، رزقنى ربى بتوأم روحى وأيقونة حياتى يونس ونوح.
اليوم بالتمام والكمال يكمل قرتا عينى يونس ونوح العام الأول.. عام ملىء بالحب والحنان والتفاؤل، وبدفعات البهجة التى لا تنتهى، عام ملىء بلحظات سعادة حاضرة دائمًا، مع أول صوت «واء.. واء»، مع أول نظرة لوجه طفلين منك ومن صلبك، مع أول «قشعريرة» فى جسمك وأنت تقول «بسم الله الرحمن الرحيم»، وتحمل ابنك على يدك، ثم تقترب من أذنه قليلًا وتكبر بهدوء.
عام مر على أول لمسة يد، وكأنك مالك الدنيا، عام مر على أول ابتسامة، على أول صوت للضحكة البريئة «ههههه هههه»، عام مر على توأمين يرتبطان ببعض ارتباطًا وجوديًا، يلعبان سويًا، يبكيان سويًا، يمرضان سويًا.
قبل شهرين مرض نوح، ومكث فى البيت مع والدته، بينما حملت يونس وذهبت به إلى الحضانة، وفى الطريق كانت المفاجأة لى.. يونس شارد الذهن، ينظر إلى «سقف السيارة» باستمرار، صمت رهيب، على غير العادة، فيونس دائمًا مبتهج مبتسم، وصلنا الحضانة، ظل على حاله، وفى نهاية اليوم توجهت للحضانة لأعيده إلى البيت، فإذا بهم فى الحضانة يقولون: «النهارده يونس ساكت وما بيلعبش»، فقلت لهم: «زعلان على نوح».
خرجت من الحضانة متأثرًا، لكن سرعان ما غمرتنى سعادة كبيرة بحالة الوصل والترابط بين توأمى قلبى، يونس ونوح..
عذرا القارئ العزيز، أعلم أن تلك المساحة ليست للأمور الشخصية، لكن هناك فى حياتنا ما ينبغى أن نكتب عنه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة