عندنا مشكلة مستعصية مع الحريات كحقوق، حرية الفكر والتعبير، حرية الاعتقاد، الحريات السياسية، حرية النشر والإعلام، المجتمع أميل إلى الشمولية والفاشية، أميل إلى الأصولية والتطرف، ليس الإخوان فقط هم الإرهابيون وليست الجماعات التكفيرية الأخرى التى تنتشر فى مصر والمنطقة هى وحدها التى تريد اختطاف المجتمع إلى ما يتصورونه صحيح الدين وصلاح المجتمع، لا فالكثير من الدوائر الرسمية والنخب المثقفة تحاول النجاة بمظهرها والهروب من المرض الذى اجتاح المجتمع بالمزايدة على الإرهابيين والتكفيريين والظهور بمظهر حماة الصورة المتشددة للدين وحراس الأخلاق القويمة، حسب ما يتصورها التكفيريون بالضبط.
المعركة الجديدة التى تكشف مرض المجتمع المصرى، هى المعركة حول برنامج الراقصة، فمنذ الإعلان عن البرنامج، تركنا كل قضايانا الملحة، الحرب على الإرهاب، المشروعات القومية الكبرى، انقطاعات الكهرباء، أطفال الشوارع، عجز الموازنة، العشوائيات، التسرب من التعليم، وتفرغنا للوصاية على المجتمع والإعلام واعتبرنا أن بث البرنامج معناه ضرب منظومة الأخلاق فى مقتل وتحول كل الفتيات والنساء للعمل راقصات!
السادة الأشاوس الذين يحاولون فرض الوصاية على المجتمع تناسوا أن برنامجا شبيها بالراقصة كان يعرض على شاشات الفضائيات منذ سنوات، ولأنه كان إنتاجا لبنانيا، لم يفتح أحد فمه، إلا بنعى الانهيار الإعلامى والثقافى الذى حل بمصر بلد الفنون والآداب التى اخترعت الرقص الشرقى، كما تناسى السادة الأشاوس أن إجراءات الكبت والقمع للفنون الشعبية والرفيعة أدى إلى ظهور ظاهرة فنون السجون الشاذة، من تشبه الرجال بالنساء وانتشار أشكال الرقص الخليع بين الشباب.
من ناحية أخرى، يسقط كثير من الإعلاميين والكتاب فى فخ التخويف ويؤثرون السلامة مبتعدين عن أى صراع يظهرهم وكأنهم يدافعون عن الرقص الشرقى، وما يحمله الاتهام من لمز وغمز بالانحلال وتهديد سلامة وأخلاق المجتمع، متناسين أن جبنهم فى الدفاع عن الحريات باعتبارها واحدة لا تتجزأ سينعكس بالسلب على المجتمع كله، وبالأخص نخبته المتقاعسة المرتعشة فى معركة الإبداع والحريات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة