الإعلام لا يتصيد الأخطاء لأحد، ولكن أزمات الحكومة وارتباكها فى التعامل مع الأزمات التى تشهدها مصر وآخرها كارثة الخميس المظلم، لا يمكن السكوت عنها، وليس مطلوباً من الإعلام بتنوعه أن يتحول إلى أبواق دعائية لتبرير أزمة الحكومة دون مراعاة معاناة الناس البسطاء ونقل همومهم واختناقهم من توالى الأزمات التى لا يتحمل أعباؤها سواهم.
من غير المنطقى أو المقبول أن يتحدث الإعلام لغة واحدة ترضى عنها السلطة، إذا كانت تصب فى صالحها وتبرر للناس أفعالها وتهون من أزماتها وكوارثها، فى زمن ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبعد ثورات شعبية كان مطلبها الأساسى هو الحرية بمفهومها الشامل، ويتفق معى الكثيرون على أن الإعلام فى مصر ما زال داعماً ومسانداً لنظام ما بعد 30 يونيو، ولم يتجاوز بالشكل الذى يمكن توجيه اللوم عليه أو اتهامه بأنه السبب فيما يحدث فى مصر من أزمات مثل أزمة الكهرباء مثلاً.
ماذا كان مطلوباً من الإعلام أمام كارثة الإظلام وانقطاع الكهرباء عن مصر لأكثر من 6 ساعات، هل كان مطلوباً منه أن يتجاهل الأزمة ويتغنى ويعدد مزايا الانقطاع والنعمة التى لا يشعر بها المصريون من وراء انقطاع الكهرباء، ويبرئ وزير الكهرباء ورئيس الحكومة من الأزمة، وأنهم كمسؤولين ليسوا مسؤولين، هل الإعلام قاصر ولم يبلغ الرشد وفى حاجة إلى إعادة تربية وتوجيه.
الإعلام يا سادة ليس سبب الأزمات والكوارث، وإنما الفشل فى إدارة الأزمات هو السبب الحقيقى فى جعل مصر «دولة أزمات» تفتقد ثقافة إدارة الأزمة وحكوماتها المتعاقبة بـ«تغرق فى شبر ميه» و«بتضرب لخمة» عند حدوث أى أزمة دون أن يكون لديها خطط بديلة للتعامل مع الأزمات فى الكهرباء والأمطار والسيول والقطارات وغيرها.
دعونا لا نحمل الإعلام مسؤولية التقصير والفشل ونبحث بشكل حقيقى عن كيفية إدارة الأزمات التى تواجهها مصر، وهذه مسؤولية القيادة السياسية والحكومة ومراكز صنع القرار والخبراء والعلماء فى مصر لتشكيل فريق عمل من كل الجهات السيادية والوزارات الخدمية فى مصر يعمل على إعداد الخطط البديلة للتعامل مع الأزمات والكوارث قبل وأثناء حدوثها.
تلك هى المسألة الحقيقية التى تتطلب البحث فيها والعمل عليها، ولا نشغل أنفسنا بالإعلام المفترى عليه كشماعة لتبرير الأخطاء.