مصر تسير على طريق المصارحة والمكاشفة من أجل الإصلاح والتغيير أو ما عرف بالجلاسنوست والبرويستريكا فى الاتحاد السوفيتى السابق فى عهد الرئيس ميخائيل جورباتشوف فى نهاية الثمانينيات. وهو الشعار الذى اعتمده جورباتشوف لنقد الذات وفهم أخطاء الماضى وتشخيص العيوب كبداية حقيقية لمرحلة الإصلاح والتغيير.
وأيا كانت نتيجة ما فعله الزعيم السوفيتى جورباتشوف وما ترتب عليه من تحول العالم إلى عالم القطب الواحد، وتفكك جمهوريات الاتحاد السوفيتى البالغ عددها 15 جمهورية، إلا أن الفكرة ذاتها لم تكن معيبة وتستحق أن تكون شعاراً لأى دولة يؤمن قائدها بالتغيير الحقيقى والإصلاح الشامل فى جميع مؤسساتها وهياكلها ومرافقها الحيوية.
ربما فشل جورباتشوف فى إحداث نقلة للاتحاد السوفيتى فى مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية كقطب ثان، لأن الميراث كان أصعب من أن يتحمله الاقتصاد السوفيتى الهش، وكان اهتمامه منصباً فقط على الإصلاح السياسى، فانهارت الامبراطورية وحصل جورباتشوف على الجائزة ومنحه الغرب جائزة نوبل..!
أعود للمبدأ نفسه فى المصارحة والمكاشفة بواقع الأحوال فى مصر كخطوة مهمة فى طريق الإصلاح، وهو ما بدأ العمل به الرئيس عبدالفتاح السيسى كأسلوب سياسى جديد لنظام الحكم، وتفاعله مع الأزمات والمشاكل التى تمر بها مصر ويعانى منها الشعب المصرى
وهو أسلوب لم يعتده المصريون منذ زمن طويل مع حكامه. ورغم قسوة أزمة الكهرباء وغيرها من الأزمات فإن الرئيس اختار مبدأ الجلاسنوست- المصارحة- كطريق إلى البرويستريكا- الإصلاح والتغيير- بطريقة الجراح الصادمة للمريض لإجراء عملية صعبة تتوقف عليها حياته.
ونحن فى حاجة الآن إلى الشفافية التامة فى معالجة أزماتنا ومشاكلنا دون تجميل أو مواربة لنبدأ عملية التغيير والإصلاح الجاد والصعب أيضاً. وهو بداية لطريق الثقة فى الحاكم ومصداقيته وإمكانية تحمل الشعب معه المشوار الصعب، والالتفاف حوله ودعمه ومساندته طالما أن هناك أملا فى النهاية لحصد ثمار الإصلاح.
قد نختلف فى بعض الأحيان حول سبل التعامل ومعالجة بعض الأمور، ولكن فى النهاية هناك اتفاق على حسن النوايا، والعزم والإخلاص فى العمل والإنجاز لأننا ببساطة لا بديل أمامنا لأية احتمالات للفشل مرة أخرى. وهذا هو التحدى الحقيقى أمام الرئيس وأمام الشعب أيضاً.`