ثلاثية الحب والوهم والقتل..

رواية شوق الدرويش للسودانى حمور زيادة.. اصطياد لحظة مكثفة للعالم

الخميس، 01 يناير 2015 02:11 م
رواية شوق الدرويش للسودانى حمور زيادة..  اصطياد لحظة مكثفة للعالم صورة أرشيفية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لله الأمر من قبل ومن بعد. ادفنوها بعيدا. لا نريد فضائح فى هذه الليلة المباركة

هكذا أنهى "إبراهيم ود الشواك" الحكاية المرة الحزينة المباركة للحلم، وأى حلم، حلم بلاد السودان فى الحب والإيمان والعشق والقدرة على الحياة، فى هذه الليلة غير المباركة فقدت مدينة أم درمان طهارتها ولوثها الدم وفقد أشخاصها روحهم، لم تكن جريمة القتل هى الأولى ولا الأخيرة، لكنها الجريمة التى قصمت ظهر المدينة، وأفقدتها روحها، لم تكن الضحية مجرد امرأة مصرية يونانية قديسة إنما هى الإيمان الذى سعى إليه الجميع.

رواية "شوق الدرويش" للسوادانى حمور زيادة، الصادرة عن دار العين، لا تحكى تاريخا كما يبدو للوهلة الأولى، إنما الثورة المهدية هى مؤشرات ضرورية لنقل طرق التفكير المستمرة حتى الآن، الحكاية التاريخية فقط لاصطياد لحظة مكثفة للعالم، وذلك عندنا يمكن أن تختزل ألم العالم وحبه وكرهه ودمويته فى عشر سنين أطلق عليها "الثورة المهدية" فالرواية تعيد كتابة النفس على تنويعات الحب والإيمان والوجع والمعاناة والتصوف، كل ذلك فى رحلة طويلة تشابكت فيها الطرق واتسعت ثم ضاقت وفى النهاية ألقت بنا فى سبل غارقة فى الظلمة، فكل الطرق تؤدى إلى مهدى الله إلى عدله وظلمه وجبروته ودمه، هو من تحت قبته يحرك العالم، يجعل من أم درمان قلب الحكايات يجعلها مدينة تشبه قلوب سكانها ممتلئة بالنقائض بالإيمان والكفر بالذكر والمريسة بـ"إبراهيم ود الشواك" و"حسن الجريفاوى" و"يونس ود جابر" بـ"مريسيلة" و"التومة".. وأمام كل هؤلاء وخلفهم "بخيت منديل" و"ثيودورا" يرسمان العالم بالحب والوجع.

حمور زيادة فى "شوق الدرويش" يحكى عن كل الدراويش الذين راحوا ضحية قبة صامتة.. كل شخصيات الرواية أخرجهم الإيمان من بيوتهم ومن جلدهم وفى النهاية قتلهم أو تحول لوهم كبير، والحب أيضا شريك الإيمان الدائم فى رحلتهم القاسية، حبهم للخلاص من الظلم التركى والمصرى رغبتهم فى التحرر من العبودية التى يعيشونها فى بلادهم حبهم لمهدى الله فى سبيل الوصول للراحة حتى لو لم تكن فى هذه الدنيا، الانتقام من الكفرة الذين عذبوهم.. ومن ناحية أخرى جاءت الرواية اختزالا للعالم الإسلامى بكل مشاكله ففى السنوات العشر للثورة المهدية حدث البعث والإيمان ثم الصراع السياسى والدم والضياع.. والعالم كله واقف يترقب يبحث عن طريقة لنجاة "ثيودورا" من براثن ما سقطت فيه ويفكر مع "بخيت منديل" الرمز الأكبر للمعاناة والحب على طرقٍ للوصل والحياة، ودائما هناك مدن ممتلئة بالنار والدخان وحكاية تعرف كيف تبدأ وكيف تنتهى.

لم يسع "حمور زيادة" للمفاجآت، فالرواية منذ بدايتها ممتلئة بإشارات النهاية، فـ"بخيت منديل" يستعد لأخذ الثأر من قاتلى روحه ممن جعلوه يحمل جسد حبيبته المعتق بالمسك ويدفنها بكل جهل العالم، ومع هذا فالرواية ممتلئة بالتشويق للشخصيات والأمكنة واللغة التى تتكشف جزءا جزءا على طول الرواية، ومع هذا يتمنى القارئ أن يكون "بخيت منديل" قد خدع وأن النهاية ليس كما رأى هو وتأكد ولكن كما تمنى القارئ، أن تكون "ثيودورا" القادمة من بلاد تسكنها الملائكة، لم تمت ولم يدفنها هو بيديه بل تنتظره على باب السجن فقط لأنه سكر فسقط فى أيدى العسكر، وأن يكون ما سمعه فى بيت إدريس النوبارى وهو يشرب المريسة مجرد هلوسات يقولها رجل فى حالة سكر، وأن تكون هى أفلتت فى اللحظة الأخيرة، أو أن ترد لها روحها عندما هم بدفنها وتعانقه كما تمنت.. أو أن يقتل هو يونس ود جابر لأنه الأولى بالقتل فقد أهداها عصفورا أفسد روحها.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة