تفاعلات ما حدث من إرهاب فى فرنسا تتم فى أمريكا وأوروبا بطريقة مؤسفة، هكذا حدثنى صديق مصرى أمريكى فى اتصال هاتفى تلقيته مساء أمس الأول من أمريكا. الصديق يعيش فى أمريكا منذ نحو 45 عامًا، وله باع كبير ومؤثر فى مجال البحث العلمى، ويرتبط بعلاقات قوية لدى دوائر صنع القرار الأمريكى، وقريب من مؤسسات الدولة فى مصر، ومنذ اللحظات الأولى لحادث صحيفة «شارلى إيبدو» الإرهابى، يتابع الحدث، ويرصد أبعاده، وما قد يحمله من تأثيرات فى المستقبل.
فى اتصاله مساء أمس الأول كان يصرخ من استثمار إسرائيل ما حدث فى فرنسا من إرهاب أدى إلى مقتل 17 شخصًا، وتصريحات رئيس وزرائها نتنياهو حول دعوته ليهود فرنسا للهجرة إلى إسرائيل، بزعم أن الخطر يتهددهم، وقال لى إن وسائل الإعلام الأمريكية، خاصة قناة «CNN»، وقناة «فوكس نيوز»، بالإضافة إلى العديد من الصحف تخدم على هذا الأمر بانحياز سافر بالتقارير الإخبارية، واستضافة خبراء، ومقابلات لرجل الشارع، وتحول الموضوع برمته من إرهاب وقع ضد فرنسيين، وضد الدولة والمصالح الفرنسية على أراضيها إلى إرهاب ضد اليهود، وأن المخططات الإرهابية التى ينفذها الإرهابيون تتوجه فى المقام الأول إلى اليهود.
أضاف محدثى أن الإلحاح الإعلامى الذى يتبنى هذا الطرح بانحياز واضح يجدد الحديث عن مزاعم اضطهاد اليهود، بما يخدم مصالح إسرائيل، وذلك عبر استدعاء قصص حدثت فى التاريخ القريب ضد اليهود، ووضع كل ذلك فى قالب درامى يصل بالمشاهد إلى درجة التأثر والاقتناع بأن ذلك وحده هو الحقيقة.
قال محدثى إن المسألة عبرت ما حدث فى فرنسا إلى الحديث عن واقع اليهود فى كل أوروبا، حيث جرى تسليط الضوء عليهم فى ألمانيا وبلجيكا وغيرهما من الدول الأوروبية، والقول بأنهم ليسوا خارج دائرة الخطر، إنما فى قلبها تمامًا، وبلغ هذا النهج ذروته بالدعوات الصريحة من إسرائيل إلى دعوة اليهود فى هذه الدول بالهجرة إليها.
يواصل محدثى أن وسائل الإعلام، وفى سبيل خدمة المخطط الإسرائيلى، لا تسلط الضوء مثلا على دلالات قيام المسلم «لسانا باثيلى» الموظف فى متجر المأكولات فى باريس الذى أنقذ حياة عدد من زبائن المتجر بعد مساعدتهم على الاختباء من خاطف الرهائن «أميدى كوليبالى»، وبالرغم من أن «المنقذ» مسلم، و«الخاطف» مسلم، فإن التركيز الإعلامى يتم على «الخاطف» لتمرير مزاعم أن الدين الإسلامى هو دين إرهاب، وتجاهل «المنقذ» الذى يؤكد سماحة الدين الإسلامى.
يدلل محدثى على أنه ضمن الدلائل على نجاح المخطط الإسرائيلى قرار الرئيس الفرنسى «هولاند» والحكومة الفرنسية بنشر نحو 5 آلاف جندى من الجيش لتأمين المدارس والمؤسسات اليهودية فى فرنسا، فى الوقت الذى تقرر تعبئة 10 آلاف جندى لتأمين المناطق الحساسة فى فرنسا، وبالرغم من أن ذلك يعد من مقتضيات الحفاظ على الأمن، كما يراه الرئيس والحكومة، فإن وضع المؤسسات اليهودية بهذا الشكل يؤدى إلى إبقاء مزاعم نتنياهو باضطهاد اليهود فى دائرة الضوء، وأن المسلمين هم الذين يضطهدونهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة