أفلام السينما صُنعت فى الأصل لتمتع الجمهور وتبهره، ثم اكتشف الفنانون مع مرور الزمن أنهم يستطيعون أن يفعلوا بأفلامهم ما هو أكثر من المتعة والإبهار، إنهم يستطيعون تمرير أفكارهم وفلسفتهم فى الحياة وأحلامهم وليس أحلام الجمهور فحسب التى تحقق جزءا منها الأفلام.
السينما الهندية والمعروفة إنتاجياً باسم بوليوود نكاية فى منافستها هوليوود، هى الأكثر إنتاجاً فى العالم فهى تتفوق عددياً على إنتاج هوليوود، وأغلب هذا الإنتاج أفلام صُنعت من أجل أن تمتع الجمهور وتبهره، فصناع السينما فى الهند أغلبهم يعرف ومستمر فى العمل على أن وظيفة السينما هى المتعة والإبهار، ولا ينفى ذلك أنهم متميزون فيما يقدمون.
عرفت دور العرض المصرية الأفلام الهندية منذ عقود، وكان لها عشاقها، ولكن منذ سنوات غابت السينما الهندية كما غابت غيرها من الأفلام الأجنبية ولم يبق إلا السينما الأمريكية وأفلامنا، ولكن ما بين الحين والآخر يأتى إلينا فيلم هندى له مردود عالمى مثل Slumdog Millioner أو غيره من الأفلام القليلة التى تسمح لها هوليوود باختراق دور العرض المصرى، ويعرض حاليا فيلم هابى نيو يير بطولة محبوب الهند والعالم شاروخان وأبوشيك باخشان والنجمة ديبيكا بادوكون وهو قصة وسيناريو وإخراج الممثلة ومصممة الرقصات الشهيرة فرح خان.
الفيلم إلى حد كبير يبدو أنه يحمل الروح الأمريكية فهو مشابه بشكل ما لنوعية سلسلة أفلام أوشن 11 ورغم هذا فهو مفعم بألوان الهند وروحها وغنائها ورقصاتها، فالبطل الذى فقد أباه فدخل السجن ثم مات فيه يأساً يقرر أن يجمع مجموعة من الأصدقاء على اختلافهم للانتقام ممن خدع أباه وتسبب فى موته، وتتكون المجموعة من صديق الأب الذى لا يستعصى عليه فتح أى خزنة فى العالم وشاب متخصص فى التفجيرات وآخر فى القرصنة ثم تنضم إليهم فتاة راقصة لتعلمهم الرقص حتى يستطيعون الاشتراك فى مسابقة الرقص الدولية التى تقام فى دبى، حيث سيسرقون «ماس» بملايين انتقاماً من الرجل الذى خدع والد البطل، وبالفعل ينجحون فى ذلك بعد مغامرات وغناء ورقص وتسابق وضحك كثير.
مخرجة الفيلم فى الأصل مصممة رقصات شهيرة عملت مع نجوم العالم مثل شاكيرا، فطبيعى جدا أن يكون للرقص بطولة فى الفيلم، إضافة إلى أنه فيلم هندى، حيث الرقص هو العنصر المشترك، وما أجمله من رقص، وعود على بدء، السينما فى الأصل للمتعة والترفيه، وهابى نيو يير هو فيلم هذه هى أهدافه فى المقام الأول وقد نجح بامتياز فى تحقيق أهدافه من خلال مخرجة وكاتبة وممثلين وموسيقى وألوان مبهجة ورقص وكثير من الضحكات، ولكن لم تنس المخرجة وكاتبة الفيلم وهى تصيغ فيلمها أن تضع الهند بلدها الأول فى كل شىء حتى فى الأخلاق، فأنت لا تملك غير أن تحب وتشجع الهنود طوال الأحداث وحتى ما بعدها وهو غرض ليس بسهل تحقيقه، ولكن المخرجة نجحت ومعها كل عناصر الفيلم فى هذا الغرض الصعب.
هذا الفيلم الذى تكلف حوالى 20 مليون دولار، وتم تصوير جزء كبير منه فى دبى استطاع أن يحصد حتى الآن إيرادات 75 مليون دولار، كما أن الأكاديمية الأمريكية للسينما التى تمنح جوائز لأوسكار طالبت بنسخة من السيناريو لتحتفظ به فى مكتبتها وهو شرف يوازى الترشح للأوسكار.
منذ سنوات كتبت مقالاً عن فيلم هندى لنفس البطل وهو شاروخان بعنوان «ياليتنى كنت هندية» حين قدم فيلم «أسمى خان ولست إرهابيا» واليوم وأنا أشاهد فيلم مغامرات وأكشن للترفيه لنفس البطل ولنفس الدولة ولأسباب مختلفة أقول قولى السابق «ياليتنى كنت هندية» لأن الهند وأفلامها حتى الخفيفة منها تستطيع أن تناطح هوليوود وتصنع ما لا نستطيع نحن بتاريخنا الفنى صناعته، أما لو تحدثت عن أمور أخرى فى غير مجال السينما فحدث ولا حرج فهم أمة عظيمة تتقدم بالفعل لا بالكلام.
إذا أردت أن تضحك وتغنى وترقص وتحتفل بالعام الجديد بإحساس المنتصر حتى لو كان هنديا، فشاهد فيلم Happy New Year.