إسراء عبد الفتاح

نظرة من أحداث فرنسا

الجمعة، 16 يناير 2015 12:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعرضت جريدة «شارلى إيبدو» الفرنسية الساخرة، إلى هجوم إرهابى الأسبوع الماضى نفذه ثلاثة مسلحين مجهولين، وراح ضحيته 12 شخصا من بينهم أربعة رسامين معروفين، شارلى إيبدو تعنى «شارلى الأسبوعية» هى صحيفة فرنسية سياسية يسارية هزلية، تنشر تحقيقات استقصائية عن الداخل الفرنسى والخارج، وتسخر بكل الطوائف المسيحية والدين الإسلامى واليهودى، عرفت صحيفة «شارلى إيبدو» الساخرة بجرأتها فى تناول الموضوعات الحساسة على اختلاف أنواعها، بينها تلك التى لها علاقة بالديانات، نشرت كثيرا من المقالات والكاريكاتيرات المثيرة للجدل انتقدت فيها الإسلام والأنبياء والمسيحية، وتعرضت للكثير من التهديدات فى مناسبات مختلفة، كما سبق أن تعرض مقرها للحرق، ومثلت «شارلى إيبدو» أمام القضاء فى مناسبات مختلفة بتهمة الإساءة إلى النبى، إلا أنها لم تتعرض للإدانة المباشرة فى أغلب القضايا، ولكن تم رفع دعوى ضد «شارلى إيبدو» من الجامع الكبير فى باريس واتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا بسبب الرسوم المسيئة، دفعت بعدها الصحيفة تعويضا ماليا، دفعه رؤساء مجلس إدارتها، مما أدخل الصحيفة فى أزمة مادية، وتم حظر الصحيفة ومنعها من الصدور عام 1961 ومرة أخرى عام 1966.

كل ما سبق هى معلومات معروفة للأغلبية وموجودة على صفحات الإنترنت, والنقاش دائر بين علاقة حرية الرأى والتعبير بسب المقدسات الدينية أو السخرية منها، هناك من يرى أن هذا السب حرية تعبير والآخر لا يرى ذلك مع أن حرية التعبير ليس لها أى علاقة مطلقا بسب أو قذف أو إهانة، ولكن غير القابل للنقاش هو أن تقتل نفسا بشرية لأى سبب كان بهذه الطريقة الإرهابية الهمجية، يدعون الإسلام ولم يقرأوا سيرة النبى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فيما تعرض له من أذى من آخرين وكيف كانت ردود أفعاله تجاه هذا الأذى، ولكن ما أتطرق له فى هذه المقالة هو بعيد عن هذا الجدل، فمحور اهتمامى هنا كان كيفية تعامل الجهات الفرنسية والدولية المختلفة مع الحدث وكيف نستفيد من ذلك لنعالج به أزمات إرهابية مشابهة، فلى صديقة مصرية تعيش فى باريس وتتابع الأحداث هناك عن قرب، كما أنها دوما تتابع الأحداث المصرية عن قرب ولا يؤثر معها أنها لا تعمل ولا تقيم هنا فهى «واحدة مصرية» الاسم الذى تحمله مدونتها المعروفة فى مصر منذ عام 2014، رصدت لى صديقتى شاهيناز عبد السلام الآتى:

التغطية الإعلامية موضوعية جدا، القنوات التليفزيونية لآخر لحظة كانت تستخدم لفظ «المشتبه فيهم»!! لم يتم التحريض على أى قطاع أو طائفة من المجتمع بأى شكل كان، فقط التأكيد أن حرية الرأى والتعبير ستنتصر فى النهاية لا محالة، الضيوف فى التغطيات الإعلامية من مختلف الأطياف، رجال أمن سابقون تعاملوا مع أحداث مشابهة من قبل، والأهم من ذلك فلاسفة ومفكرون مسلمون وغير مسلمين، لم يشهد الإعلام الفرنسى أى تطرف فى الرأى أو أى اتهام لطرف معين قبل استهداف الجناة، فى فرنسا الكاميرات لم تقتحم مسرح الجريمة «شارلى إيبدو» ولم تصور دماء وأشلاء وجثثا.

الشفافية الكاملة من الشرطة الفرنسية فى كل خطوة تم اتخاذها ونشر كل معلومة تطمئن الرأى العام على سير الأحداث فيما عدا وقت التحضير لخطة الهجوم، وأوضح المذيعون الفرنسيون للرأى العام أنهم ليس لديهم معلومات لضرورة ذلك أمنيا، وفى النهاية كانت تصفية المجرمين فى أقل من 48 ساعة ونشر صورتهم وصورة المتهمة الهاربة لكل الرأى العام الفرنسى والعالمى.

أكد وزير الداخلية ورئيس الجمهورية، أهمية حرية الرأى والتعبير، وأن ما حدث فى فرنسا هو اختبار للديمقراطية الحقيقية، وأن فرنسا هى بلد الجميع دون تمييز، وأن منفذى الهجمات لا علاقة لهم بالإسلام.

الشعب الفرنسى تحرك بتلقائية من أول الأحداث دون تردد أو أى فلسفة، وتوجهوا للمظاهرات فى الميادين بهتاف «حرية» «شارلى»، وقف الشعب الفرنسى فى كل فرنسا دقيقة حداد يوم الخميس ثانى يوم الحادث الإرهابى مباشرة الساعة 12 ظهرا.

تلبية لدعوة الرئيس الفرنسى، شارك 50 رئيس دولة وحكومة الأحد الماضى فى مسيرة «جمهورية» رفضا للإرهاب من بينهم المستشارة الألمانية ميركل ورئيس الوزراء الإيطالى والإسبانى والبريطانى ورئيس فلسطين وملك الأردن، والشىء المضحك هو حضور رموز إرهابية عنصرية بطبعها لتندد بالإرهاب، ولم يفتنا مشهد الرئيس الفرنسى السابق المنتخب خلف الرئيس الفرنسى الحالى المنتخب، فالمشهد لا يحتاج إلى تعليق، فالصورة تكفى ذلك، بجانب مئات آلاف الفرنسيين المصممين على إثبات وحدة البلاد.

تفاعل عالمى مع الهاشتاج الذى أطلقه الفرنسيون تضامنا مع الضحايا JeSuisCharlie# أو #أنا_شارلى الذى تكرر ما يقارب من 3.4 مليون تويتة خلال 24 ساعة، وهو ما يجعله أشهر هاشتاج فى تاريخ تويتر، وأن تصل التغريدات على الهاشتاج بهذا العدد فى يوم واحد يعطى رسالة قوية بأن العالم تعاطف مع الضحايا بغض النظر عن خلاف البعض معهم، وأن القتل والإرهاب ليس حلا على الإطلاق مهما ارتكب الآخر من أخطاء أو تجاوزات من وجهة نظر آخرين، وحتى لو اعتبرت هذه الجريدة جريدة عنصرية فهذا لا يعطى الحق لأى مواطن على وجه الأرض أن يقتل آخر لأى سبب كان، أعتقد بعد هذا السرد القليل والبسيط من تعامل جهات فرنسية وعالمية مختلفة مع الحدث الإرهابى الأخير أن «الرسالة وصلت يا بشر».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة