يوجد أشخاص احتلوا مكانة عظيمة فى وجدان الثقافة الوطنية، يتم الاسترشاد بآرائهم فى المسائل الملتبسة، لأنهم لم يبحثوا عن مكان أو مكانة، ومعظمهم دفع ضرائب باهظة بسبب السعى إلى تحقيق الحلم، هؤلاء تحولوا مع الزمن إلى رموز للطهارة، مثل أحمد نبيل الهلالى وفتحى رضوان وأحمد بهاء الدين وعلى نويجى وحجازى الرسام وإبراهيم منصور وحسن سليمان رحمة الله عليهم وعشرات مثلهم، واستعادة سيرة هؤلاء ضرورية فى اللحظات المرتبكة، لأنك مع أرواحهم وأفكارهم تستطيع أن تكون رأيا فى الموضوعات الكثيرة التى يتم تسويقها على أنها الصواب، فى لحظة يتم الاستعانة فيها بأنواع من البشر لم تمر بالتجارب الروحية التى مر بها هؤلاء، يتم اختزال فكرة الوطنية فيهم.
أما الذين يعبرون عن الضمير النقى مثل بهاء طاهر الذى أتم الثمانين قبل ثلاثة أيام وعلاء الديب وسليمان فياض وإبراهيم فتحى وصنع الله إبراهيم، فينظر إليهم على أنهم مجرد أدباء غير مؤهلين للحديث فيما يهم الناس، وهؤلاء لهم تلاميذ يعرفون قدرهم، تجرأ أحد المطبعين الكبار عليهم ووصفهم بغريبى الأطوار من الصعاليك الكفار ذوى الثياب الرثة والرائحة الكريهة، وما إلى ذلك من الأوصاف غير المهذبة التى لا تخرج إلا من شخص جاهل وكاره للثقافة، المشكلة ليست فى أمثال هذا المتطاول على ضمير مصر غير القابل للبيع والشراء، المشكلة فى الحكومات التى تتجاهل الثقافة وتختزلها فى وجوه بعينها، فى الوقت الذى تواصل فيه الثقافة المصرية معركتها الكبرى ضد التطرف وضد بعض رجال الأعمال الذين ابتذلوا فكرة الوطنية، وتخيلوا أنهم أقوى ناس فى البلد.