فاتن حمامة هى أم كلثوم السينما وهى سيدة الشاشة العربية مثلما كانت «الست» سيدة الغناء العربى.. فاتن كانت «الست» فى السينما العربية أيضا.
ليست مصادفة أن ترتبط السيدتان، فاتن وأم كلثوم ببعض الصفات والمواقف، فى الخمسينيات دانت السيادة فى التمثيل والغناء للسيدتين وارتقى التعامل معهما إلى مرتبة الكبار من الرؤساء والزعماء، ولم يكن غريبا أن تقطع أى إذاعة فى بلد عربى شقيق برامجها لتذيع نبأ زيارة أم كلثوم أو فاتن حمامة لعاصمة هذا البلد. وبسبب هاتين العظيمتين أصبحت اللهجة العامية المصرية هى اللهجة الأولى للشعوب العربية وهى لهجة التفاهم السلس والسهل والمفهوم بينها، ولذلك لم تقبل أم كلثوم بإجراء حوار إذاعى معها إلا مع فاتن حمامة فى لقاء السحاب السينمائى والغنائى وكان حواراً من أمتع الحوارات فى تاريخ الإذاعة المصرية.
فاتن حمامة ليست فقط سيدة الشاشة العربية لتاريخها الطويل والثرى فى العمل السينمائى منذ فيلم «يوم سعيد» عام 1941 مع محمد عبدالوهاب ولكنها أصبحت السيدة الأولى للسينما باحترامها لفنها والتزامها به وتقديرها له وتشجيعها لكل المواهب الشابة ودعمها لهم فى أفلامها، فقد اختارت محمود ياسين فى بداية مشواره عام 69 ليقف أمامها فى فيلم «الخيط الرفيع» بعد أن شاهدته على المسرح القومى فى مسرحية «ليلة مصرع جيفارا». كان اختيارا مدهشا معبرا عن ذكاء فنانة رأت أن الزمن تغير والمرحلة بعد هزيمة يونيو67 لم تعد مرحلة «الجان» أحمد رمزى وأحمد مظهر وكمال الشناوى والمزاج النفسى والاجتماعى للمصريين فى حاجة إلى وجوه جديدة تعكس مرارة الواقع وآلامه، فجاء اختيارها لمحمود ياسين للشاب المرهق والمنهك ذى الملامح الحادة القلقة المعبرة عن حالة جيل كامل بعد الهزيمة، وخلال النصف الأول من الخمسينيات عندما بدأ حلمى حليم إنتاج فيلمه الأول «أيامنا الحلوة» ساعدته فاتن وتحمست له أن يخرج الفيلم أيضا. وهو ما فعلته الست أم كلثوم أيضًا مع بليغ حمدى الشاب الموسيقار المبدع الذى كان بمثابة تحولا وفتحا جديدا فى غناء أم كلثوم، وأيضًا فى اختيارها للموجى والطويل وعبدالوهاب محمد. أم كلثوم المطربة العربية الوحيدة التى نالت صك العالمية، وفاتن أيضا الممثلة العربية الوحيدة التى ترشحت لجائزة الأوسكار عن دور «آمنة» فى فيلم دعاء الكروان. القضية ليست غناءً أو تمثيلا فقط أو استستهالا وأحيانا كثيرة «استعباطا»، القضية أكبر وأعمق بكثير حتى يصبح لدينا أسطورة فنية مثل أم كلثوم وفاتن حمامة.