قصائد محمود درويش ونزار قبانى فى يد المتطرفين

الجمعة، 02 يناير 2015 08:05 م
قصائد محمود درويش ونزار قبانى فى يد المتطرفين الشاعر الكبير محمود درويش
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عادة ما تنتهى القصائد والكتابات لكبار الشعراء فى مواضع لم يتوقعوها ولم يسعوا إليها، مثل أن تسقط القصائد فى يد المتطرفين الذين يحرفونها، وقد كتب "عبد الله الدحيلان" فى جريدة الحياة " طرد دواوين محمود درويش من «معرض الكتاب»... فتلقفتها «ساحات الجهاد» "أن قصيدة «يحكون فى بلادى» لمحمود درويش وهى ضمن ديوان «أوراق الزيتون» الصادر عام 1964، والتى شاء لها القدر أن تطرد من محفل ثقافى "معرض الرياض"، لتتلقفها «ساحات الجهاد» ليصدح بها أحد أبرز المنشدين الجهاديين وهو أبو هاجر الحضرمى، لتتحول تلك القصيدة/الأنشودة إلى أيقونة يقصدها «طلاب الشهادة، ولترافق عدد من الأفلام والمقاطع المصحوبة بلقطات التفجير والقتل المأخوذة من وحى الواقع العربى المضطرب.

ويتساءل "عبد الله"، لماذا طرد إبداع محمود درويش، وغيره الشعراء والأدباء، من محافل الثقافة والفكر لتتلقفها «ساحات الجهاد»؟ ولأى سبب طرده سلفى من الفضاء المفتوح ودفعه إلى أقبية سلفية أخرى مغلقة؟ وكيف تحولت أشعار «الزنادقة» لمحل ترحيب تارة، ورفض ومصادرة تارة أخرى؟.

ويؤكد "الدحيلان" أنه فى ظل «التوهج» القومى الذى اجتاح الوطن العربى منذ خمسينات القرن الماضى، صعدت موجة فنية وأدبية مواكبة لها، لتؤدى دور الدعاية والترويج لذلك المشروع، ومنها صدحت أهم القصائد والتى تحولت لاحقاً إلى أغانٍ ذائعة الصيت، منها «لبيك علم العروبة» التى صدح بها المخرج والممثل اللبنانى محمد سلمان أثناء العدوان الثلاثى عام 1956. كما ذاع صيت قصيدة الشاعر نزار قبانى فى رثاء الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر «رفيق صلاح الدين هل لك عودة؟»، وغيرها من القصائد والأعمال الفنية. وبعد عقود حدثت المفارقة، إذ تحولت «لبيك علم العروبة» إلى «لبيك إسلام البطولة»، وقصيدة نزار قبانى إلى «أيا عمر الفاروق هل لك عودة؟".
وقد أخذ عبالله الدحيلان رأى كل من أحمد الجنيدل و التونسى كمال الرياحى هذه الظاهرة، حيث يرى الكاتب السعودى أحمد الجنديل أن «الإسلاميين لم يبدعوا كثيراً فى المجال الفنى والشعرى، بل كانوا محاربين له حتى فترة قريبة، لذا أصبحوا متطفلين على إبداعات غيرهم، وتحديداً اليسار، لما يملكه تراثهم من أعمال نضالية مميزة»، مستشهداً بمجموعة من الأعمال «إذ نجد مثلاً، أن نشيد «خندقى قبرى وقبرى خندقي» الرائج بين الإسلاميين هو سرقة للحن «يا زمان الوصل فى الأندلس». وأيضاً نشيد «أمتى أمتي» هو سرقة للحن «موطنى موطني»، وكما هو واضح فقد تم تغيير كلمة «موطني» لتصبح «أمتي» وتم تغيير «سوف نبقى هنا حتى يحلو النغم» إلى «سوف نبقى هناك كى يزول الصنم»، وكل ذلك من أجل تتناسب الكلمات مع الآيديولوجيا التى يتبنونها فى محاربة مفهوم الوطنى".
واعتبر الروائى التونسى كمال الرياحى هذه الظاهرة «تعبر فعلياً عن وجود أزمة نص فى الوطن العربي»، مشيراً إلى أن ما يجرى «تطويق لحرية نص الأدبى بشهوة الافتاء»، مستشهداً بما جرى فى معرض الكتاب الدولى بالرياض «إذ تم سحب المجموعة الكاملة لأحد أهم الشعراء العرب، وهو محمود درويش، بعد أن قفز إلى هذا الميدان من هو ليس أهلاً له، وقام مباشرة بتجريم الاستعارة وتحويلها إلى خطيئة وكفر، بينما العمل الإبداعى موكول تأويله إلى المختصين فى تفسيره وقراءة دلالته، بغية البحث عن جمالياته ومكنوناته، وليس من خلال تطويقه بالتفسيرات الأخلاقية التى باتت تهدد الإبداع العربي»، موضحاً فى حديث مع «الحياة» أن هناك «تصدعاً فى المؤسسة الرسمية، وهى التى أفرزت حالة من التذبذب والاعتداء عند المسلحين وتعاملهم مع هذا النصوص بالتحديد، إذ يتم رفضها مرة والحط من قيمتها الفنية والمعنوية، وتقديسها واستخدامها فى الدعاية الإعلامية لهم مرة أخرى»، مشبهاً هذا الأمر «فى نظرة هذه المجموعات إلى المرأة، فهى مقدسة ويحرصون على تطويقها بالسدود والحصون، ومع ذلك هم يمارسون عليها أشد أنواع الإذلال من خلال مفهوم السبى والبيع والشراء فى السوق كما هو حاصل الآن".
وذكر أن تحويل أشعار محمود درويش إلى أناشيد حماسية فى «ساحات الجهاد» دليل على «وجود ارتباك وعدم توازن نفسى عند هذه المجموعات؛ لبحثهم عن هوية مفقودة، إذ إن الساحات باتت ساحة للعولمة، تهدف من خلالها إلى تذويب الهويات المتقاطرة من دول العالم لصنع هوية خاصة بهذا المقاتل، من خلال سلبه مكوناته الهوياتية كافة، ليبقى مقاتلاً مجرداً يهرول خلف أمر ميتافيزيقى مقتنع بصحته، وبعد ذلك يأتى الدور لصناعة نظرته للعالم والأشياء الحية من حوله".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة