ماذا لو يختفى كل من نكرههم من حياتنا؟!
لو تنتهى حياة البعض.. لتصبح الحياة أخف وطأة للبعض الآخر وأكثر راحة
سؤال يحمل بين طياته الشر الكبير
الشر الذى يريحك عندما تتخيل حياتك خالية من جارتك الثرثارة ورئيسك فى العمل وأحيانًا زوجتك النكدية .
لكنك تتراجع قليلاً.. لا ليس زوجتى النكدية.. لا بأس أن تبقى لتربى الأبناء.
تنتبه من استراحتك القصيرة على صوت زوجتك النكدية: الغداء يا عزيزى.
جيد أنكِ ما زلت هنا.. وإلا لكنت تضورت جوعًا..
إنها لأمنية قاسية.. أن يموت كل من تكرهه
أن يموت ذلك الرجل الذى أخذ دورك فى طابور طويل لدفع الفواتير
أن يموت ذلك الأحمق الذى ضرب سيارتك وفر هاربًا لكى لا يدفع ثمن الأضرار
أن تموت تلك الفتاة الجميلة التى يفضلها مديرك عليك ويصدق تلك النميمة التى تنقلها إليه طوال اليوم
أن يختفوا جميعًا لتبقى وحيدًا سعيدًا لا مقالب ولا خصومات تستمتع بالحياة كما ينبغى وتسعد بالراحة التى لم تكن لتنعم بها وسط جمودهم وأنانيتهم وقسوتهم..
أن تفتح عينيك ذات يوم لتجد أمنيتك تحققت .. فمن تكرههم تسمع نعيهم يتلى عليك كل يوم ..
فى حادثة مجهولة تُوفى مديرك دون أن يودع عائلته.. قيل إنه كان يسير بسرعة جنونية على طريق لم يتقبل جنون سرعته لتتحكم به سيارته وتقوده ليلقى حتفه داخلها بعد أن قفزت به عدة قفزات .
رائحة الغاز القوية التى تصدر من شقة جارتك، وجارتك التى لفظت باختناق أنفاسها الأخيرة بجسد اكتسى بالزرقة ليشير بأيدى الاتهام إلى إهمالها ونومها أثناء ما فاضت دموع القِدر تنعيها وأطفأت الشعلة التى ما أرادت أن تشارك فى جريمة الغاز النكراء .
أيام بسيطة وتسمع بكاء أطفالك الثلاثة إنها اليوم زوجتك التى ينبغى عليك أن تحمل رفاتها إلى مقابر عائلتك..
ما أقساه على المتوفى من شعور حين يُحمل بين يدى قاتله.. وما أقسى الصمت الذى يتكبده رغمًا عنه ليحمل معه سر قاتله إلى حيث هو ذاهب. ما أصعب غضبه عليك وحزنه منك وحزنك عليه وندمه وطلبك الغفران منه وأمانيك بفرصة ثانية.
أصبحت فى كل صباح تتصفح صفحة الوفيات باحثًا عمن لحقهم بسببك الضرر.. تتساءل هل طرق الموت بابهم؟
فى يوم أدركت أن أمانيك الخبيثة ستطال كل من تعرفهم.. عزلت نفسك عمن عرفت من البشر أغلقت عليك باب شقتك وأهديت أطفالك إلى والديك ليكونوا بمأمن من أن يطالهم ذات يوم مصير والدتهم.. لا عمل ولا شىء يربطك بالحياة الخارجية سوى مذياع أحمق تتقلب بين محطاته القليلة الخالية من التجديد .
لا صور تتبادر إلى ذهنك سوى الذكريات والوعود التى قطعتها ولم تستطع ذات يوم الوفاء بها.
حتى مللت وحدتك وبحثت عن حل.. إنك مستعد لأن تدفع أى ثمن لتسترجع حياتك القديمة.. تسترجع حياتك الطبيعية، حتى هُديت إلى ذلك الحكيم.. الذى استمعت برنامج يُذاع له على إحدى المحطات طرقت بابه أملاً فى دواء تشربه لتنام وتستيقظ لترى أن كل شىء عاد كما كان، ذلك الحكيم الذى قابلك بالسخرية ظنك كاذبًا أو مجنونًا.
فأجابك بغرور لن يعود شىء كما كا ..
والحل؟
هكذا سألته
فأجاب: "أن تقتل نفسك".. عليك أن تقتل نفسك
كررها بصوته الرخيم مرارًا.. ثم استطرد حديثه قائلاً: وإلا سيموت الكثير من الأبرياء
أخبرته حينها أنك لا تريد أن تموت ..
تريد أن تحيا حياة طبيعية وحسب
فأجابك وهم أيضًا كانوا يحبون الحياة
ما ذنبهم ليقتلوا؟!
أنت يا هذا قاتل ولنا فيك حق القصاص ..
يومها غادرت لا تفكر إلا فى نفسك ..
يُقص عليك شريط ذاكرتك.. لم أقصد قتلهم.. كيف أصبحت.. وكيف تحولت حياتى؟
بعد يومين سمعنا نعى الحكيم فى المذياع.. لقد خانت الحكيم حكمته.. حين أغضبك وآأثار حقدك وكراهيتك.
فى لحظة يائسة وقفت أمام المرأة تُعد لك مصائبك تتذكر قتلاك.. وكيف كانوا سعداء بحياتهم
تتذكر من أنت.. ما أسوأك وما أظلمك!
أنت هو الجدير بالكره.
بعد أسبوع اقتادتهم رائحة العفن إلى شقتك
لقد كنت هناك متعفنًا قتلك انعكاس كرهك فى المرآة
هنيئًا
فلا مزيد من القتلى الأبرياء.
ولكم جزيل الشكر والعرفان
د.فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: القتلى الأبرياء
الثلاثاء، 20 يناير 2015 12:02 ص
ورقة وقلم
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة