صالح المسعودى يكتب: عندما يبكى الرجال

الأربعاء، 21 يناير 2015 12:04 م
صالح المسعودى يكتب: عندما يبكى الرجال صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كم هى صعبة تلك اللحظات التى ترى فيها الرجل يبكى، فليس من السهل أن يبكى الرجال، وخاصة عندما يكون الشخص عن جدارة من فصيلة (الرجال) وليس الذكور، فدموع الرجل لا تقدر ولا يبكيه إلا الأمور الصعاب التى من وجهة نظره كلت حيلته وباء تصرفه وتفكيره فيها بالفشل، فعند ذلك يتذكر أن آخر معاقله ليريح نفسه (زرف دموعه).

وجدته مطأطئ الرأس تتساقط عبراته من عينيه لتلتقطها حبات الرمال بين قدميه فى مشهد أكثر من حزين، حاولت أهدئ من روعه وأطيب خاطره بكلمات بسيطة فأنا لا أعلم سبب حزنه، فاعتقدت أنه فقد عزيزاً له لما رأيت من كمية الحزن والتأثر الشديد الشىء الذى يجعله يجهش بالبكاء فبادرته وقلت له (البقاء لله).

فقال لى على أى شىء تعزينى؟ فقلت له على مصابك الذى جعلك تجهش بالبكاء هكذا، فقال والله لو مات ألف عزيز ما كنت لأجهش بالبكاء هكذا فأنا أعرف كيف أسيطر على مشاعرى جيدا، ولكن مصابى ليس فى شخص ولا أشخاص، فبادرته مسرعا إذن ما الذى يبكيك ويحزنك كل هذا الحزن؟.

فيقول كيف لا أبكى وأنا أرى أعز ما فى الكون عندى بل أعز من نفسى يتألم، وأنا لا أجد فى استطاعتى القدرة على مساعدته فى التخلص من آلامه؟، كيف لا أبكى وأنا أرى وطنى الغالى تتكالب عليه الفتن من الداخل والخارج، وأبناؤه مازالوا يتصارعون على كراسى زائلة؟.

كيف يسكن ألمى وأنا أشاهد أبناء وطنى يتركون عدوهم المعروف لديهم جيدا ليتباروا فى قتال بعضهم البعض، فإن حاولت أصرخ فيهم تم تفيئى على أننى أنتمى للفصيل الآخر، فالجميع اتخذ قانون (بوش) نبراسا، (من ليس معى فهو ضدى) قانون مريض أدخل العالم كله فى حرب بلهاء ولكننا مازلنا نستخدمه لأننا لا نعلم عن ثقافة الاختلاف شىء.

لقد راجعت التاريخ وخاصة عصر النبوة فوجدت الاختلاف موجود حتى فى عهد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) فقد اختلف الصحابة والرسول (صلى) بين ظهرانيهم بل وفى وجود الرسول بل واختلفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وحكى ذلك القرآن الكريم ولكنهم باختلافهم المحترم الذى (لا يفسد للود قضية) بنو دولة عظيمة لم نحافظ نحن عليها ومن أهم أسباب البناء القوى لتلك الدولة، فهمهم الصحيح لثقافة الاختلاف التى نفتقدها الآن.

لماذا لا نتعاون جميعا فى إصلاح العطب الذى أصاب سفينة الوطن وأبطأ بها عن مسايرة بقية دول العالم؟، ثم عندما ننهض من كبوتنا نلتفت لمن له الأحقية فى قيادة السفينة فساعتها يقود من يقود.

فلم أكن أتصور فى يوم من الأيام أن يستعذب المصرى قول من يسب وطنه من الخارج لأى سبب من الأسباب فالشعب المصرى هو مبتدع معظم الأمثال وكان دائما يردد (أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب)، فكيف لهذا المصرى الذى يعشق تراب هذا الوطن أن يسمح للغير بالتعرض لبنى جلدته حتى لو احتدم الخلاف معهم ففى نهاية المطاف (الناس لبعضيها) أو (قعدت عرب) تنهى الخلاف.

ويسترسل صديقى حديثه بقوله كلما تذكرت موقف (معاوية بن أبى سفيان) رضوان الله عليه عندما حدثت الفتنة بينه وبين أمير المؤمنين (على بن أبى طالب) كرم الله وجهه ورضى عنه، وأرسل إليه هرقل قيصر الروم يقول لمعاوية (لقد علمت بما دار بينك وبين على بن أبى طالب وإنا نرى أنك أحق بالخلافة فلو أمرتنى أرسلت إليك جيشا يأتوك برأس على فيرد عليه معاوية رضوان الله عليه بقوله من معاوية ابن أبى سفيان إلى هرقل كلب الروم (أخان تشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما)، إن لم تخرس أرسلت إليك بجيش أوله عندك وآخره عندى يأتونى برأسك أقدمها لعلى.

تركت صديقى يكفكف دموعه بعدما أدمى كلامه قلبى من شدة تأثرى من قوله الذى يخرج من قلب عاشق ومحب لتراب هذا الوطن لتتسارع الأسئلة إلى نفسى مندفعة ليبادرنى أولها هل فقدت مصر الحكماء؟ هل تبدل حب تراب هذا الوطن الغالى بحب المناصب والكراسى الزائلة؟ وهل من الحكمة أن نترك مثيرى القلاقل والإعلام المضلل لغايتهم المنشودة بتدمير هذا الوطن الغالى أم يجب علينا أن نأخذ على يد كل من يحاول أن تمتد يده لتعبث بمقدرات هذا الوطن؟.











مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة