فلتهدأ الميادين وتصمت الحناجر فى 25 يناير، فلم يعد هناك وقت للتظاهر والاعتصامات والإضرابات والفوضى، والوطن يسابق الزمن حتى يقف على قدميه ويواجه الأزمات والتحديات التى تواجهه فى الداخل والخارج، ويعبر- بإذن الله- إلى بر الأمان، ويقطف ثمار التنمية والاستقرار والمشروعات الكبرى والإصلاحات الجوهرية التى تشهدها البلاد، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مهام الحكم، وكلها تبشر بالخير وبمستقبلٍ أفضل، يحقق أمانى المواطنين وطموحهم، بعد سنة عصيبة حكمت فيها الجماعة الإرهابية البلاد ووضعت الشعب أمام خيارين: إما مصر أو الإخوان، ولم يفهموا أن 25 يناير جاءت من أجل الأفضل وليس الأسوأ، وأن الملايين الذين خرجوا بأعلام مصر لن يقبلوا أعلاما سوداء، وبثوا فى الأعماق طوفانًا من الخوف والذعر، بأن هذا البلد يمضى بسرعة القطار إلى النهاية.
لن تنهض مصر وتقوى شوكتها، إلا إذا تفرغ شعبها للعمل والإنتاج، بعد سنوات أربع لم تهدأ فيها البلاد ولم تستقر، وانخفضت معدلات النمو وارتفع سقف المطالب الفئوية، واندست بعض قوى التحريض بين الصفوف، تدق أسافين الوقيعة والفرقة والتشرذم، حتى لا يظل لها صوتٌ مسموعٌ على الساحة، قوى الهدم والتخريب التى تشعر بأن انفراج الأزمات يصدر لها الأزمات، ويسحب من تحت أقدامها سجادة التهييج والتأليب، فهم يتاجرون بالمشاكل ويزايدون على الهموم، ويستثمرون حالة الفوضى حتى تنتعش أحلامهم فى القفز على السلطة من جديد، حالمين بتكرار 25 يناير ووقوع البلاد من جديد فى براثن الفوضى، انكشف الغطاء وانقشعت محاولات الخداع والتدليس، وصار عند الناس حاسة قوية، تفرق بين الغث والسمين وبين الهدم والبناء، وتنفسوا الصعداء بحالة الاستقرار التدريجى المتمثل فى استراداد الدولة لسلطتها وهيبتها ومؤسساتها، وانعكست الأوضاع على الحياة اليومية فى صورة عودة الأمن واختفاء بعض الجرائم التى تروع الآمنين، ويتعشم الجميع عودة مصر بلدًا للأمن والأمان والطمأنينة، وتسهر الليل والنهار دون خوفٍ أو قلاقل.
القادم أحسن، لأن الدولة وضعت نصب عينيها استراتيجية الاقتحام الجرىء للمشاكل والأزمات، بخطط طموحة وغير تقليدية، ومشروعات قومية كبرى تمتد من قناة السويس الجديدة إلى القرى الأكثر فقرا والمجتمعات العمرانية الجديدة، بجانب المشروعات كثيفة العمالة التى توفر لقمة عيشٍ كريمة لملايين العاطلين، الذين أُغلقت فى وجوههم أبواب الأمل والرزق.وانفتحت مصر من جديد على الشرق والغرب، ووطدت علاقاتها بدول الخليج، الذين مدوا لها يد العون والمساندة، وطرقت أبواب الصين وروسيا باتفاقيات ومشروعات سوف تغير وجه الحياة، ومدت جسورها مع أوروبا التى تستحوذ على المرتبة الثانية- بعد دول الخليج- فى الاستثمارات، وتتحسن العلاقات تدريجيًا مع الولايات المتحدة بعد أن أدركت أنها لن تنجح فى «لى» ذراع مصر، لا بالضغوط السياسية، ولا بقطع المعونات.
وبعد أسابيع قليلة تدخل البلاد ماراثون الانتخابات البرلمانية، وهى المحطة الثالثة بعد الدستور والرئاسة فى خارطة المستقبل، وكل المؤشرات تؤكد إصرار الدولة على إجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، لاختيار نواب على قدر المرحلة المقبلة، والبرلمان المقبل هو الأخطر فى تاريخ مصر، وسوف يقيس الحجم الحقيقى للقوى والتيارات السياسية المتنافسة فى المعترك، وتدشن شكل الأحزاب السياسية صاحبة الشعبية والجماهيرية، وتلك التى ستختفى، لا وقت للميادين ولا للتظاهرات والمسيرات وأجندة الوطن مزدحمة بأولويات كثيرة تحتم التفرغ لها والعمل على إنجاحها، ولتكن البداية يوم 25 يناير المقبل، الذى تجهز له بعض القوى المناوئة لتعكير الصفو والصيد فى الماء العكر، وهى تعلم جيدًا أنه سيكون يومًا للاحتفال بعودة مصر إلى مصر، والوقوف خلف رئيس يحوز دعما شعبيا غير مسبوق، لأنه ببساطة يتناغم مع موجة المواطنين ويعبر عن أمانيهم وتطلعاتهم، ويعيد من جديد صورة الوطن التى اهتزت وتراجعت.