هل هى خطوة غريبة فعلا تهدد حرية الرأى والإبداع أم قرار جمهورى تقليدى توارثه الملوك والرؤساء فى مصر منذ عام 1936؟
قرار رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بتفويض المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، فى منع المطبوعات الصادرة فى الخارج من الدخول والتداول فى مصر، إضافةً إلى منع المطبوعات المصرية المثيرة للشهوات والتى تتعرّض للأديان بشكل يؤدى لتكدير السلم العام، نظر إليه البعض بريبة وشك فى توجه الدولة المصرية الجديدة لسياسة المصادرة والمنع والرقابة بما يعيد للأذهان ما كان يحدث من قبل، ويتقاطع مع مطالب ثورتين فى مصر بحرية الفكر والرأى والتعبير والابداع.
تفسير المعارضين والمتخوفين من «التفويض الرئاسى» لرئيس الوزراء أن القرار فضفاض ويحتمل كل التأويلات والتبريرات فى المصادرة، فماذا يعنى - مثلا - تكدير السلم العام والمطبوعات المثيرة للشهوات؟
الأزمة هنا أن التفويض يأتى مباشرة قبل أيام من انعقاد معرض القاهرة الدولى للكتاب فى مصر، والذى يشارك فيه نحو 650 دار نشر من مختلف دول العالم، وهو ما يؤثر بالطبع على السمعة الثقافية للمعرض ولمصر بشكل عام التى مازالت إلى حد ما بدورها الريادى والقيادى فى الحركة الثقافية العربية على مر التاريخ، وباحتواء المبدعين الهاربين من البطش والإرهاب الفكرى فى دولهم وباستيعاب التنوع الفكرى والثقافى ودعم حرية الرأى والتعبير.
الرأى الآخر يرى أن القضية مفتعلة ولا توجد رقابة على الإصدارات فى مصر والقانون قديم ومعمول به منذ منتصف الثلاثينيات فى القرن الماضى ووفقا لمواده فإنه «يجوز المحافظة على النظام العام بمنع مطبوعات صادرة فى الخارج من الدخول والتداول فى مصر ويكون المنع بقرار من رئيس الوزراء، كما يجوز أن يمنع رئيس الوزراء أيضا من التداول فى مصر المطبوعات المثيرة للشهوات والتى تتعرض للأديان». عموما المسألة تقليدية والعمل بقانون 36 طبيعى بشرط ألا يتجاوز ما كان معمولا به من قبل ودون العمل بالتفسيرات المطاطة لأنه بالطبع ليس مقبولا ولا معقولا أن تحكمنا قوانين عفا عليها الزمن وقامت بها ثورات وانتفاضات اجتماعية. وفى رأيى لم يكن هناك داع لنشر هذا النفويض قبل معرض الكتاب ما دام الأمر كان تقليديا وروتينيا، فالتوقيت فى النشر ليس مناسبا بالمرة.