ناجح إبراهيم

رسالة مفتوحة إلى الشعب الفرنسى

الخميس، 22 يناير 2015 06:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذا خاتم الأنبياء أيها الفرنسيون الذى ما خُيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه

أساءت مجلة «شارلى إبدو» للنبى محمد «صلى الله عليه وسلم» إساءة بالغة متجاوزة كل الخطوط الحمراء ومستهترة بغضبة أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وأساء أيضا الشقيقان كواشى اللذان قاما بالرد بالرصاص والقتل على الصحفيين فى المجلة، وهؤلاء كانوا أحوج لقلب داعية وروح داعية يحب هداية الناس ولا يرغب فى قتلهم.. يحب دخولهم الجنة ولا يرغب فى إدخالهم إلى النار أو إدخال الإسلام نفسه فى دوامة تضره وتسىء إليه أكثر مما تنفعه.. وتعطى قبلة الحياة لكل «نتنياهو» فى الحياة ولكل متطرف يمينى يريد طرد المسلمين من أوربا أو إقصائهم عن الحياة، كانت هذه الصحيفة وأمثالها فى حاجة لقلب مثل قلب محمد «صلى الله عليه وسلم» الذى دعا «اللهم اهد ثقيفا وأت بهم» بعد أن ضربوه وآذوه وشتموه.

لقد وقع الفريقان فى صراع الجهالات.. ولكن جهالة شارلى إبدو أشد وأنكى، إذ إنها كررت الإساءة مرات ومرات لسيدنا محمد وسيدنا عيسى والسيدة مريم عليهم السلام.. ثم أعادت نشر الرسوم مرة أخرى.. وكأنها تخرج لسانها لملايين المسلمين وتسخر منهم.

لقد أخطأ الفرنسيون الذين لبسوا شعارات «كلنا شارلى» فى مظاهرة التنديد بالإرهاب.. فكلنا ندين الإرهاب وندين الإساءة لشرف الأنبياء أيضاً.. وأعتقد أن أكثر الذين وضعوا الشعار لا يعرفون معناه «أى كلنا مسىء.. أو كلنا سيسىء أو كلنا مشروع إساءة».. فهل هذا معقول؟

لقد حزنت كثيراً لموقف هؤلاء الفرنسيين المخدوعين بـ«شارلى إبدو» أو المخمورين بها فى سكر العداوة والكراهية. إنهم لم يعرفوا من هو رسول الله.. فعذراً يا سيدى أبا الزهراء أنهم جهلوا قدرك وبخسوك حقك. هذا محمد أيها الفرنسيون. إنه أحلم الناس وأشجع الناس.. فلم يكن يبيت لديه دينار ولا درهم وهو نبى الأمة ورئيس الدولة حتى ينفقه فى سبيل الله وفى مناحى الخير ومات ودرعه مرهونة فى صاع أو صاعين من تمر وكان لا يؤوى إلى منزله حتى يتصدق بما معه من مال ولا يأخذ مما آتاه الله إلا قوته.

وكانت تمر الشهور الثلاثة على بيوته ولا يطبخ فيها طعام ولا توقد فيها نيران لطعام.. وكان وهو من هو يخصف نعله ويرقع ثوبه ويخدم أهله وزوجاته وإذا أغضبته زوجاته لم يطردهن من البيت أو يضربهن بل يترك هو البيت ويذهب إلى بيت أبيه «وهو المسجد» وينام فيه على الحصير ويراه عمر بن الخطاب وقد أثر الحصير فى جنبه الشريف فيغضب لذلك قائلا ملوك كسرى وقيصر ينعمون فى القصور ورسول الله ينام على الأرض.. فيرد الرسول الكريم فى هدوء الواثق بربه والزاهد فيما عند الناس: «أولئك قوم عجلت لهم حسناتهم»، هذا الصادق الأمين أيها الفرنسيون.

لقد كان يجيب دعوة الخادم والجارية وهو من هو.. وكان يقبل الهدية ولو كانت جرعة لبن ويكافئ عليها بالمزيد ولا يأكل الصدقة، وكان لا يستنكف عن إجابة الجارية والمسكين ويعود المرضى حتى لو كانوا فى أقصى المدينة ويشهد الجنائز ويغضب لربه وخالقه ومولاه ولا يغضب لنفسه، ويحق الحق وإن عاد عليه بالضرر ويعصب الحجر على بطنه من الجوع وهو يستطيع أن يملك خزائن الدنيا كلها.. فقد خيره الله بين أن يكون عبداً رسولاً أو ملكاً رسولاً فيتواضع لربه ويرغب فيما عنده فيختار أن يكون عبداً رسولاً.. يأكل كما يأكل الناس ويشرب مما يشربون ويجوع يوما ويشبع يوماً كما يفعلون.

هذا خير الخلق أيها الفرنسيون، فقد كان «صلى الله عليه وسلم» من أشد الناس تواضعا وأحسنهم بشرا.. يأكل مما يجد.. ويلبس مما يجد.. ويركب أى شىء، فقد ركب الفرس والبغل والبعير تواضعا منه.. وقد كانت الملوك تأبى أن تركبها ولابد أن تخرج للناس فى مواكب الملك والأبهة والعظمة، وكان يمشى وحده حتى بين أعدائه بلا حارس فقد عصمه الله منهم وحال بينه وبين مكرهم وكيدهم.

هذا خير ولد آدم أيها الفرنسيون الذى لم يكن يفتر لسانه عن ذكر الله ولا يذكر أحداً بسوء.. وما كان فاحشاً ولا متفحشاً.. ولا عيابا ولا عتابا.. وكان يؤاكل المساكين.. ويتحبب إلى الناس بالبر والمعروف.. ويصل ذوى رحمه.. ولا يحقد على أحد.. ويقبل معذرة من اعتذر، وكان دائم البشر كثير البسمة.. وكان يضحك دون قهقهة تخرجه عن وقاره المحبب اللطيف.. وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً. وما ضرب رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أحداً قط.. ولا انتقم لنفسه قط.. إلا أن تنتهك حدود الله.. ولم يقتل أحداً بسيفه قط رغم شجاعته الفائقة.. فقد كان أقرب الناس إلى الأعداء شجاعة وبأساً إذا حمى الوطيس.

هذا خاتم الأنبياء أيها الفرنسيون الذى ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه.. ولم يكن فظاً ولا غليظاً بل رحيماً رقيقاً رفيقاً.. وكان لا يجازى السيئة بالسيئة بل يغفر ويعفو ويصفح.. وكان يبدأ من لقيه بالسلام.. وما أخذ أحد بيده فينزعها حتى يكون الآخر هو الذى ينزعها.. ولا يهاب ملكاً لملكه.. وكان يدعو لمن آذاه ولا يدعو عليه.. ويدعو لخصومه ولا يدعو عليهم «اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون» بعد أن ضربوه وشتموه وآذوه.. يا شعب فرنسا اسألوا نابليون عن محمد.

إذا كنتم لم تعرفوا محمدا «صلى الله عليه وسلم» فاسمعوا عن عبقريته العسكرية من إمبراطوركم الكبير الشهير نابليون الذى كتب عنه فى مذكراته أن الرسول محمدا كان نموذجا ناجحا لما تقوم عليه استراتيجيات القادة فى العصر الحديث وتوفرت لتلك الاستراتيجيات ظروف مكنت الرسول من نشر الإسلام فى الجزيرة العربية.. فالرسول أوجد للمرة الأولى فى التاريخ مفهوم الحرب النفسية التى لم تكن معهودة من قبل، ونجح فى خلق منظومة عسكرية متطورة، كان هو شخصياً محوره الأساسى.. بالإضافة إلى خلق هوية جديدة لا تفرق بين المواطن والمقاتل فى إطار مفهوم المساواة كما نجح فى جعل الدين أهم مصدر للوحدة بين جنوده ونجح فى إقناع المقاتلين بالتضحية بحياتهم من أجل نصرة الإسلام».

أيها الشعب الفرنسى اسألوا مونتيه عن محمد، إذا كنتم لا تعرفون محمداً فاسألوا عنه فليسوفكم الكبير «فانسان مونتيه» الذى يقول عنه: إن كل شىء ورد عن محمد يشهد بنبوته وأنه مبعوث من عند الله ومن المستحيل أن تكون كل هذه الحكم والوصايا والأوامر والنواهى منسوبة إلى أحد من البشر العاديين إلا أن يكون نبيا من عند الله». أيها الفرنسيون اسألوا ديكارت عن محمد، اسألوا ديكارت أكبر فلاسفتكم عن محمد «صلى الله عليه وسلم» فسيقول لكم الآتى: يبدو لى من الملائم جدا فى هذا المقام أن أقف هنيهية لكى أعاين هذا الإله ذو الكمال المطلق الذى نادى باسمه النبى محمد والذى امتلأ به الكتاب الخالد بتوحيده وتمجيده وتعظيمه.

وإذا لم تعرفوا محمدا بعد ذلك فاسألوا مفكر الثورة الفرنسية وصاحب العقد الاجتماعى جان جاك روسو، وهو يهتف فيكم صائحا: لم ير العالم حتى اليوم رجلا استطاع أن يحول العقول والقلوب من عبادة الدنيا إلى عبادة الله الواحد إلا محمدا.. ولو لم يكن بدأ حياته صادقا أمينا ما صدقه أقرب الناس إليه.. لأن رسالة محمد قوية وأعطته قوة إذ راح ينشر بها الرسالة فوجدت صدى غير عادى فى مختلف القارات.. فالمسلمون بالقرآن ينتصرون ويفتحون الممالك ويسودون العالم.

هذا نبينا فأتونا بمثله.. هذا هو محمد الذى بشر ولم ينفر.. وجمع لم يفرق.. ويسر ولم يعسر.. هذا هو محمد الذى أبقى الله على مر الزمان معجزته وفرض على الناس طاعته وأوجب عليهم محبته.. وخلد شريعته.. وآتاه ما لم يعط أحدا من العالمين. هذا هو محمد «صلى الله عليه وسلم» الذى شرح الله صدره ورفع ذكره ومدحه من فوق سبع سنوات بـ«وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ». هذا هو محمد فهلا عرفتموه؟! وآمنتم به؟! أنصحكم ألا تعرفونه من خلالنا أو من خلال المسلمين أو من خلال دولنا العربية أو من خلال الحركات الإسلامية.. اعرفوه من سيرته ورسالته وهديه وأحاديثه وتعاليمه وأخلاقه.. اعرفوه من القرآن.. اعرفوه من ربه ومولاه خالق السموات والأرض وخالقكم وخالق كل شىء.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة