هناك فرق بين الثورة والحنين إلى الثورة، أو مراجعة مشاهدها الحميمة، وبطولاتها الافتراضية. مبكرا جدا على كتابة التاريخ، بالرغم من وجود عشرات الكتب والروايات صدرت، عن أفراد وليس عن ثورة، عن حالات ومعارك وصراعات وليس عن تحول كامل، وحتى هؤلاء الذين تكلموا عن نماذج لثورات فاشلة، أو ناجحة لم يتوقفوا عن كون هذه الثورات استمرت عقودا وسنين وشهدت العديد من المحطات صعودا وهبوطا، حتى جاء أفراد لينفذوا الثورة كما يرونها.
أربع سنوات على يناير، ولا تزال هناك الكثير من الأسئلة مطروحة، ليس فقط على السلطة، ولكن الأسئلة الأهم مطروحة على بعض ممن عينوا أنفسهم متحدثين باسم الثورة، وبعضهم يمارس الحنين إلى الميدان أكثر من البحث عن أهداف الثورة وتحقيقها.
جمع الميدان المتناقضين والمختلفين فى مكان واحد، المصريون بمئات الآلاف، خرجوا إلى التحرير، يتذكرون وجوها حميمية صادقة شجاعة، لم يزعم أى منهم امتلاك الحقيقة، لكن هذا الأمر مجرد حنين لأيام الثورة، حيث لا يمكن التفرقة بين مسلم ومسيحى، المسلم من المسيحى أو اليسارى من اليمينى، يجمعهم العلم، حتى لو فرقتهم السياسة. لكن كل هؤلاء لم يحسبوا برنامج اليوم التالى للثورة ولا يمكن لأى من هؤلاء الذين تصدروا أو ما زالوا يتصدرون الصورة أن يزعموا أنهم قدموا خطوة لليوم التالى أو برنامج.
نجحت الجموع فى إجبار مبارك على ترك السلطة، لكنها لم تنجح فى تقديم بديل فى مرحلة انتقالية صعبة، كان هناك سعى لتنحية مبارك، من دون تصور لما يمكن أن تكون عليه الأمور فى اليوم التالى، كان هناك ثوار أفراد، من دون حزب ثورى أو برنامج ثورى أو غيره.
ظهر الكثير من المتحدثين باسم الثورة، قال كل منهم إنه فعلها، وكل منهم كان له رأى، لكنهم نسوا ما فعلوا ونسوا أنهم كانوا يطرحون آراء متناقضة وأنهم احتاروا وحيروا من خلفهم، البعض يرفض الحديث عن انتهازيين ولصوص للثورة، ركبوا على أهدافها وخدعوا الجمهور. هناك من تفرقوا وفرقوا وأدخلوا الجمهور فى دهاليز الاختلاف، وهؤلاء هم «الأنبياء الكذبة»، كما قال السيد المسيح «يأتونكم فى ثياب الحملان وهم كالذئاب الخاطفة».
ربما يتوقف البعض عند مشاهد الميدان فى 18 يوما، حيث كان الكل واحدا، متشابهين متقاربين، لم يكن هناك سلطة يتصارعون عليها، لكن ما أن خلت السلطة، حتى ظهر كل فريق على حقيقته. الكل يتحدث عن الشهداء، والضحايا، والبعض تاجر بهم، وظل هناك فرق بين الثورة والحنين للثورة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة