لا رياء ولا نفاق، فقد رحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى رحاب ربه ولم يعد فى انتظار المديح والإشادة بمواقفه الشجاعة من أجل أمته العربية والإسلامية طوال فترة حكمه للمملكة العربية السعودية منذ عام 2006 وحتى عندما كان وليا للعهد، خاصة مواقفه العربية الأصيلة والقوية من أجل مصر بعد ثورة 30 يونيو.
سوف يتذكره التاريخ ولم ولن ينساه المصريون أبدا وسيتذكرونه بكل تقدير وعرفان بمواقفه الحاسمة إلى جانب ثورة الشعب المصرى، فقد أعلن رحمه الله منذ اللحظة الأولى دعمه الكامل للشقيقة مصر فى حربها ضد الإرهاب ووقوف بلاده بالكامل مع مصر، التى تتعرض لكيد الحاقدين فى محاولة فاشلة لضرب وحدتها واستقرارها من قبل كل جاهل أو غافل، واعتبر أن الاعتداء على مصر هو اعتداء على العروبة والإسلام.
لم يخش الملك عبدالله التهديدات الأمريكية والضغوط الأوروبية من موقفه الداعم لمصر، بل زادته تلك الضغوط وهذه التهديدات إصرارا وقوة وتمسكا بموقفه للشقيقة الكبرى قلب الأمة العربية وقال: «ليس غريباً على المملكة العربية السعودية مثل هذه المواقف الشجاعة مع مصر التى تمثل الضلع الأهم فى محور استقرار مع الرياض ضد مشروع الهيمنة والفوضى الخلاقة، وفى حالة سقوط مصر - لا قدر الله - سوف تتداعى باقى الدول العربية ومنطقة الخليج العربى»، كانت هذه الكلمات لملك العرب وحكيمها وكبيرها هى العامل الفيصل فى حسم الموقف العربى من الثورة المصرية ضد الاستبداد الدينى وحكم الفاشية.. كان لمصر 3 وزراء خارجية وليس وزيرا واحدا فقط للحيلولة دون اتخاذ مواقف دولية حادة من مصر، وقفت الدبلوماسية السعودية والمصرية إلى جانب الدبلوماسية المصرية فى كل مكان فى العالم واستخدم الملك عبدالله علاقاته الموصولة بالعالم الخارجى لصالح مصر وثورتها.
لن ينسى المصريون موقفه الرائع ودعوته لمؤتمر دعم مصر المقرر فى مارس المقبل، والذى لم يكتب له القدر أن يحضره ولن ينسوا تدفق المنح والأموال السعودية إلى مصر فى ظل أزمة اقتصادية خانقة.
يرحل الملك عبدالله فى لحظات صعبة على مصر والأمة العربية التى مازالت فى أشد الحاجة إلى شجاعته ومواقفه وحكمته، ولكن الحكم الجديد فى السعودية بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز قادر على استكمال المسيرة الشجاعة له تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية..وتجاه مصر.