صالح بن بكر الطيار

غاب البدن وبقى فخر الوطن

السبت، 24 يناير 2015 09:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توخى حِمام الموت صقر العروبة وحكيمها، منتقيًا من جواهر الخليقة أثمنها، ومن درر البشرية أروعها، هكذا غيبت المنية من بيننا زعيمًا تاريخيًا وقائدًا استثنائيًا، فترجل الفارس فى زمن والعالم أحوج ما يكون لرأيه الثاقب وفكره الصائب، فى خدمة الإسلام والمسلمين والعدالة العالمية، مما ضاعف من وقع الفاجعة الأليمة وآثارها الموجعة، التى أدمت قلوب الأحبة والأصدقاء إقليميًا وعربيًا وإسلاميًا وعالميًا، هكذا يتضح أن الخطب عظيم والمصاب جلل، فلا شك أن أقل ما يخالج نفوس أبناء الوطن المكلوم من آلام، وما يعتمل فى دواخلهم من مشاعر الحزن والأسى، يبقى شاهدًا على فداحة الخسارة وفظاعة المصاب، رحل صاحب الأيادى البيضاء والكرم والعطاء، رجل المبادرات المميزة والمواقف الشجاعة، تاركًا شوامخ نهضة كبرى شملت كافة المرافق، لتتبوأ المملكة فى عهده الرشيد الحافل بالعطاء والإنجاز مكانها المرموق بين الكبار، متصدرة المحافل الدولية، كدولة قوية ومملكة فتية، عبر مسيرتها الظافرة التى عجزت فتن الزمن من زعزعتها، وفشلت قلاقل العصر من إيقافها وتعطيلها، فتجاوزت بكل ثقة سائر المنعطفات الخطيرة والتحديات الكبيرة المحدقة بالعالم، وذلك بفضل الإيمان الراسخ للراحل العزيز وقيادته الرشيدة وسياسته الحكيمة، هكذا اتسم عهده بالعمل والبناء والخير والعطاء، وتميز بدعم السلام والاستقرار، حيث بذل يرحمه الله الغالى والنفيس للم شمل وجمع شتات الدول العربية عمومًا والخليجية على وجه الخصوص، من خلال المصالحات التى رسم خارطة طريقها حتى أتت أكلها، فكل تلك المواقف الجليلة تشهد لفقيدنا بالحنكة والفطنة، أن هذه الكارثة أكدت بوضوح مكانة الراحل الجليل بين الأشقاء والأصدقاء فشاركوا المملكة محنتها مؤكدين أن المصاب عالمى، ومع ذلك نقول: إن عزاءنا الذى يملأ قلوبنا ثقة وطمأنينة، أن هذا الكيان الشامخ والوطن الرائع (مملكة الإنسانية) يحزنها فقد علم من أعلامها السامقة، ورحيل قامة من قاماتها الغالية، ومع ذلك تظل واقفة شامخة، لأنها ولود ولود كلما ودعت قائدًا استقبلت قائدًا مثله كما قال الشاعر:
وليس يهـــــلكُ منا سيدٌ أبدًا *** إلا افتلينا جـــــديدًا سيدًا فينا
إن تبتدر غايةٌ يومًا لمكرمة *** تلقى السوابق منا والمصلينا
ومن أوجاعنا نتعلم كيف أسس الملك عبدالله يرحمه الله نظامًا حضاريًا لانتقال السلطة بسلاسة غير مسبوقة، وبصورة لم يشهد لها العالم مثيلًا، فقبل أن يوارى جثمانه الطاهر الثرى كانت المملكة تنعم بملكها الجديد وولى عهده الأمين وولى ولى العهد، فقبل أن نهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالولاية التى هو أهل لها، به نهنئ الولاية فهو خير خلف لخير سلف، والآن تحضرنى خاطرة عن الرياض التى أصبحت بقيادته حينما كان أميرًا عليها مدينة عصرية رائعة، فالتحية لقائد المسيرة القادمة والمنطلقة لغدٍ أكثر إشراقًا، إننا نعاهده على السمع والطاعة، وأن نكون عصاه التى لا تعصاه، مستشرفين تحت قيادته عهدًا رائعًا لمواصلة النهضة الكبرى التى يشهدها الوطن العزيز، سائلين الله أن يمده بمدده وأن يسدد على طريق الخير خطاه.
• رئيس مركز الدراسات العربى الأوروبى / باريس.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة