هناء عبد الفتاح

اقتل أو تاجر فى المخدرات لكن لا تتهم بالجنس أبدا

الأحد، 25 يناير 2015 09:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
امنحنى من وقتك وعقلك بضع دقائق تتأمل فيها معى أمرا واقعا مريرا جدا نعيش فيه، ولا أعتقد أن هناك حلا لمواجهته سوى أن ينسف الله الهيكل الفكرى لعقول 90 مليون مصرى واستبداله بهيكل آخر يحمل فى محتواه مساحة من الإدراك الغائب وربما الميت فى العقول، لدرجة جعلت الأجيال السابقة والموجودة واللاحقة تتوارث نفس درجة البؤس العقلى دون أدنى محاولة للتعديل تذكر، نعم نحن نعيش بؤسا عقليا ورثناه من آبائنا وسنورثه لأبنائنا ولشديد الأسف لن يتغير.

البؤس العقلى الذى أعنيه يتجلى فى تصريح قاله أحد الحاصلين على البراءة فى قضية حمام رمسيس الشهيرة تمنى فيه أن يكون متهمًا فى قضية قتل أو مخدرات، لأن القضية التى اتهم فيها حولت حياته لجحيم لا يضاهيه جحيم ودمرت حياته تماما، قال إن مجرد اتهامه فى قضية شذوذ جنسى "لم يثبت" أذاقه العذاب أشكالا وألوانا ليس فقط بحكم القانون وإنما بحكم رجال الشرطة الذين أمطروه بإهانات لفظية وجسدية لا يتحملها بشر - على حسب تعبيره - وبحكم عائلته، التى تمنت أن يموت قبل أن يتهم باتهام مثل هذا وبحكم خطيبته التى فسخت مشروع الزواج هربًا من الفضيحة قبل حتى انتهاء التحقيقات وبيان ما إذا كان مدانا أم لا، قال إن داخل حجز القسم كان وزملاؤه المقبوض عليهم مسخرة المحابيس، وأن تاجر مخدرات يعيش على تخريب وتغييب وتدمير عقول وحياة الناس كان وضعه داخل الحبس أكثر منه احتراما وتوقيرا ! قال إن قاتل النفس التى حرم الله إلا بالحق كان لا يقترب منه أحد، فى حين أنه أجبر على أن "يهوهو" مثل الكلاب ووضعت عصا فى مؤخرته لسحقه فى الإهانة أكثر وسبوه بالأب والأم وكلما غافله النوم كان يصحى على بصقة فى وجه يوجهها له كل من هب ودب !!

لاشك أن الشذوذ الجنسى شىء مقزز حقا ومرفوض فى كل الأديان السماوية، لكن عقلى لا يتخيل أبدا أن يكون الرد عليه بسحق متهم به خصوصا وأنه "لم تثبت إدانته" لهذه الدرجة، المتهمون بممارسة الجنس الحرام بشكل عام سواء شذوذ أو غيره يلاقون نفس رد الفعل تقريبا، فلو بحثنا مثلا فى سجن النسا - على اعتبار أن السجن فى قضايا الجنس غير الشرعى يكون من نصيب النساء فى الغالب - سنجد أن المقبوض عليها فى قضية دعارة هى الأشقى بين كل النزيلات وتعاقب مرة من القانون وآلاف المرات من زميلاتها فى الحبس، ترسيخا لمبدأ أن أى جريمة أخرى غير جريمة ممارسة الجنس الحرام أهون بكثير وأقل جرما !!

أى عقول هذه التى ترى فى القتل وتجارة المخدرات والجاسوسية والنصب وسرقة المال العام هونا أكثر من ممارسة الجنس ؟!!، أى منطق هذا الذى يعتبر شخصا ارتكب الفاحشة وأهان جسده بعلاقة غير شرعية هو أكثر جرما من شخص أخطأ فى حق مئات وآلاف وربما ملايين ؟!!، كلنا ننظر للجنس على أنه أقوى وأكبر فضيحة ممكن أن تحدث لإنسان وعقابه لابد أن يكون بأقوى وأكبر عقوبة ممكنة وقد تصل للموت نفسه، فى حين أن الله نفسه حدد عقوبة الزنا أقل من هذا التهويل بكثير وأمر بقطع الكلام فيها بعد أن تنفذ وأن لا تكون سيرة فاعلها على كل لسان ويظل منبوذا كالكلب الأجرب وتلاحقه الفضيحة حتى وفاته، وحتى عندما أمر بالرجم حتى الموت للمتزوجين عقد أدلة الثبوت أشد تعقيدا بأن جعلها بشهادة أربعة شهود عيان يشهدون أنهم رأوا الواقعة بعيونهم، وهو الأمر المستحيل عمليا، لأن الزنا بكل تأكيد لن يحدث على مرأى ومسمع لأربعة يملكون الشهادة عليه فيما بعد.

نحن من هولنا الأمر حتى وصل لهذه الدرجة، فى حين أنه فى النهاية فاحشة قد يغفرها الله للتائب، نحن من تجرأنا على حدود الله الواضحة الصريحة المباشرة وعدلنا فيها بالشكل الذى جعل من عقوبة الجنس أمر يستوجب دمار شامل للمتهم به، نحن من جعلنا المتهم به يتمنى لو كان متهما بإزهاق روح بدلا منه، كلنا متهمين فى هذا، كلنا نحتاج إعادة تأهيل لنفهم، كلنا نسينا أن الله أرحم منا جميعا، كلنا أطلقنا الرصاص على كل معانى الرحمة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة