مازالت هناك حالة مراهقة حزبية فى مصر.. بعض الأحزاب تفتقد العقل والكياسة والرؤية فى التعامل مع ظروف الواقع وتبحث عن شرعية وجود مفقودة فى الشارع وبالتالى لا بديل أمامها لكى يشعر بها الناس الا بمخالفة القانون وإحداث حالة صدام مع السلطة ثم الوقوف أمام كاميرات وسائل الإعلام وادعاء الشجاعة والبطولة الزائفة ولا شىء آخر. خلال الأيام الماضية دعت الغالبية العظمى من الأحزاب والقوى السياسية الوطنية إلى تفادى الخروج فى مظاهرات بمناسبة الاحتفال بالذكرى الرابعة لثورة 25 يناير فى ظل أجواء العنف والإرهاب التى تفرضها جماعة الإخوان لتعكير صفو الاحتفال على الشعب المصرى، وحتى لا تصب تلك التظاهرات فى صالح الإخوان ويتم توظيفها واستغلالها فى وسائل إعلام الجماعة بأنها خروج مؤيد للإخوان. ومع ذلك يبدو أن جينات المراهقة مازالت تسيطر على عقول عدد من الأحزاب التى لا يعرفها الناس ولا يسمعون بها - مع احترامنا لرؤسائها وتقديرنا لهم - فقررت أن تخالف الإجماع الوطنى وضرورات الظرف السياسى والأمنى وتدفع ببعض أعضائها رغم قلة عددهم إلى الشارع ورفع الشعارات الاستفزازية فى ظل حالة اليأس من إمكانية الفوز فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومع حالة التوتر الأمنى تحدث تجاوزات يطنطن بها قادة هذه الأحزاب الورقية ويعثرون على ضالتهم فى الوقوف من جديد أمام كاميرات الفضائيات التى أدمنوها وأحبوها وحصلوا على شرعيتهم السياسية والاجتماعية من خلالها، ليجأروا بأصواتهم للمطالبة بشعارات لا يطبقونها ويدعون زيفا دفاعهم عن الحرية والديمقراطية.
أحد هذه الأحزاب -أكثر من 110 أحزاب فى مصر الآن- ربما يدعى حزب الدستور التى خرجت «زعيمته» فى مؤتمر صحفى يكاد أن تظهر ملامح وجهها بين عشرات الميكروفونات تهاجم وتندد وتشجب ما حدث فى مسيرة سلمية لحزب هامشى آخر وليس حزبها، ووجهت الاتهام للأمن وللسلطة السياسية وهددت بالعمل على إسقاط نظرية «الأمن مقابل الحرية» على أساس أن الحرية معناها فقط فى مفهوم الزعيمة هى حرية التظاهر فقط الذى هو جل ما تدركه عن معنى الحرية أو كأن التظاهر هو أساس العمل الحزبى ودونه الموت والاختفاء السياسى، البطولة والزعامة الدون كيشوتية التى تمارسها بعض الأحزاب تؤكد للأسف افتقار الحياة الحزبية فى مصر إلى النضج السياسى والرؤية السليمة والتقييم الموضوعى.. بل أن بعض هذه الأحزاب مازالت فى حاجة إلى تربية سياسية سليمة قبل أن تظهر إلى الساحة السياسية وتطل علينا عبر كاميرات وشاشات الفضائيات.