5 مشاهد مبهجة فى واشنطن وقبح فى الطريق إليها.. رجل يحمل عنى حقيبتى.. عشرات يبتسمون فى وجهى.. شاب يعتذر لسيدة استقل الأتوبيس قبلها.. علم مرفوع فوق الرؤوس.. وإخوانى يسب مصر فى الطائرة

الخميس، 29 يناير 2015 07:50 م
5 مشاهد مبهجة فى واشنطن وقبح فى الطريق إليها.. رجل يحمل عنى حقيبتى.. عشرات يبتسمون فى وجهى.. شاب يعتذر لسيدة استقل الأتوبيس قبلها.. علم مرفوع فوق الرؤوس.. وإخوانى يسب مصر فى الطائرة أمام نهر كولومبيا بالعاصمة الأمريكية واشنطن
رسالة واشنطن - سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل شىء هادئ فى واشنطن وكأنها تتأهب لحدث ما، كل شىء جميل والمطر يزيح ليلًا بعض القبح، فلا ترى فى الصباح إلا الجمال.
أمام نهر كولومبيا بالعاصمة الأمريكية واشنطن - 2015-01 - اليوم السابع
أمام نهر كولومبيا بالعاصمة الأمريكية واشنطن

النظافة والنظام والجمال لم يعد أمرًا مدهشًا بعد رحلات كثيرة، أتأكد فيها كل مرة أن فوضى القاهرة وزحامها وتلوثها لا يمكن أن تراه فى مكان آخر، المقارنة بين القاهرة وغيرها لا يجوز، لا يجوز ليس لأنها خارج المنافسة، بل لأنها خارج عجلة الزمن، المقارنة بين القاهرة وواشنطن ظالمة، لأنك إن قارنت القاهرة بالمنامة عاصمة البحرين مثلًا ستخسر القاهرة بلا شك، فلنحفظ لها كرامتها ونبعدها عما ينال منها، سأحكى لك عزيزى القارئ تجارب شخصية جدًا قد لا تتكرر مع آخرين، قد لا يراها الآخرون كما رأيتها أنا، بعد أن ذهبت للمشاركة فى مهرجان شعر بجامعة بريدج ووتر بولاية فيرجينا القريبة من واشنطن، فقضيت فيها 3 أيام.

المشهد الأول:

أنزل من مطار دالاس بواشنطن، المطار الدولى الوحيد بالعاصمة، أجرُّ خلفى حقيبتى الكبيرة، أسأل أحدهم عن طريق الوصول إلى محل إقامتى، ينصحنى أن أستقل الأتوبيس والأتوبيس مرتبط بالمترو، حتى إنه يسمى "مترو باص"، أتبع إرشاداته، أجد نفسى فى محطة الأتوبيس أمام ماكينات عملاقة، أسأل أمريكيًا جوارى جاء من المطار معى، يتطوع لمساعدتى، يضع الدولارات فى الماكينة، تصرف لى كارتًا ككارت الفيزا، يقول إنه كارت المترو، يأتى الأتوبيس يحمل الأمريكى عنى حقيبتى، ينصحنى أن أنزل محطة "مترو سنتر" المحطة الكبيرة التى تتبدل منها خطوط المترو الثلاث كمحطة التحرير عندنا قبل أن تغلقها الأوهام، أسأل الأمريكى عن تليفون عام لأهاتف صديق لى ينتظرنى، يسألنى: هل لديك عملات معدنية؟، أجيب بالنفى، يخرج لى نصف دولار من جيبه، ويرفض أن يأخذ مقابل، يتذكر أننى لن أقابل التليفون العام فى محطة المترو عند وصولى، يمنحنى هاتفه لأحادث صديق.

تأتى محطة المترو المرتقبة، يحمل عنى حقيبتى، وأمضى خلفه بخجل، يشير إلى لأستقل المترو الأحمر، وهو واحد من خطوط ثلاثة أحمر وأزرق وفضى، تعبر بين واشنطن وفيرجينا وميريلاند والضواحى القريبة منها.

يسمع حديثنا أمريكى آخر، يتطوع لمساعدتى، يحمل الحقيبة مرة أخرى إلى عربة المترو، يقول إنه قادم من كاليفورنيا ليبحث عن عمل بعد أن حصل على ماجستير الإدارة، يسألنى عن عنوانى، أمنحه الورقة، يتطوع بإيصالى لمحطة المترو المقصودة، على أن يعود لوجهته بعدها، والمترو هناك يتكلف 5 دولارات على الأكثر إذا قطعت مسافة كالتى تقطعها من رمسيس إلى حلوان مثلًا.

المشهد الثانى:

فى صباح اليوم التالى، أستيقظ مبكرًا فى السابعة صباحًا، تعج واشنطن بالنشاط، أنزل من بيت صغير استأجرت فيه غرفة واحدة بمنطقة دبون سيركل بوسط واشنطن، أقابل مارة وعابرين، الابتسامة عنوان الحياة، يبتسم الأمريكى فى وجهى إذا التقت عيوننا، ويسألنى كيف حالك؟، أتعجب.

أواصل السير، أوقف فتاة لأسألها عن الساعة، بعد أن نسيت ساعتى بتوقيت القاهرة، تبتسم وتقول إنها الثامنة والربع، تقول إن طاقيتى الصوفية التى أضعها على رأسى جميلة، أفرح بود مباغت وسريع.

المشهد الثالث

أواصل السير على غير هدى، أسأل عابر عن أقرب مطعم، يخرج الأيفون من جيبه، يبحث على جوجل يخرج لى قائمة من المطاعم فى المنطقة المحيطة، يقول إن أقربها على بعد 5 دقائق مشى من هنا، يعرض أن يوصلنى إلى هناك.

أتعجب مرة ثانية، يسألنى فى الطريق، هل أنت من سكان واشنطن، أم جئت من ولاية أخرى؟، أقول له إننى مصرية ، يبتسم ويقول "أوه الأهرامات"، أريد أن أزور الأهرامات.

أقول له إنها هائلة وعظيمة وتستحق الزيارة، أكذب ، وأنا أتذكر ، الهجانة عند مدخل منطقة الأهرامات ، يفتحون السيارات القادمة بالقوة يعرضون على السياح الأجانب والمصريين اصطحابهم فى رحلة بالخيل بمبالغ طائلة، أنا أخشى أن يزور الأمريكى الأهرامات فيكتشف كذبى.

أصل إلى المطعم، ينصحنى الأمريكى بتجريب الباجل، فطور الأمريكان الشهير، أودعه وأنا أنصحه ألا ينسى الأهرامات، وأخاف مرة أخرى.

المشهد الرابع

أقف فى محطة أتوبيس بمنطقة دبون سيركل التى أسكن بها، أنتظر الأتوبيس الذاهب إلى جورج تاون المنطقة الأشهر فى وسط العاصمة، يأتى الأتوبيس يجرى شاب مسرعًا ليلحق بالأتوبيس فى مشهد مصرى تمامًا، تأتى خلفه سيدة مسنة، يركب قبلها وهو قادم من زاوية لا تسمح له برؤيتها، تدخل الأتوبيس يعتذر لها عن الدخول قبلها، لأن النساء أولًا.
شارع جانبى بواشنطن - 2015-01 - اليوم السابع
شارع جانبى بواشنطن

أتحسر، أكاد أن أبكى، وأنا أتذكر نساء كبيرات وصغيرات منا، يضربون فى مدخل الأتوبيس وهن يصارعن الرجال على الدخول، ولا يتطوع أحد من أجل ضعف الأنوثة.

المشهد الخامس

هو ليس مشهدًا لأنه واقع تراه أينما ذهبت ، العلم الأمريكى فى كل مكان، على السيارات وفوق المنازل، وعلى النوافذ وعلى الشرفات، فى البداية شككت أن كل هذه الأماكن لمؤسسات حكومية، أنا أسكن فى قلب العاصمة الرسمية، ومن الطبيعى أن أشاهد العلم بكل هذه الكثافة، زرت بعدها المتحف القومى الأمريكى، رأيت الأمريكان يخصصون لتاريخ العلم ومراحل تطوره مساحة لا تقل عن ربع المتحف الكبير، فعلمت أن الأمريكى يحب بلاده، يحب العلم، يحترم العلم، العلم فى أمريكا مقدس، كالإنجيل كالقرآن، كالديانات السماوية كلها، العلم مصان، العلم مرفوع، العلم منتصب ألفًا فوق كل الأماكن والرؤوس والقلوب أيضًا.

أتحسر، تباغتنى مشاهد العلم محروقًا فى مظاهرة، أو متسخًا فوق مبنى حكومى، أو مرفوعًا فى مباراة كرة قدم، العلم لا يظهر فى بلادى إلا حين يفوز المنتخب.

قبح فى الطريق إلى واشنطن

لم أرى القبح فى واشنطن، طوال أسبوع كامل، رأيت مشهدًا مازال يوجعنى حتى اليوم، سيوجعنى كثيرًا وكثيرًا جدًا، القبح كان فى الطائرة من أسطنبول إلى واشنطن، القبح مصرى بلا شك، أو لا يستحق مصريته.

يدخل الأتوبيس الذى يأخذنا إلى الطائرة شاب بلحية خفيفة وسمت مصرى، ولهجة لا تشبه لهجة المصريين فى شىء، يقول إنه مصرى، لا أصدقه، يخرج جواز سفره، توقعنى المصادفة فى المقعد المجاور له.

الباجل أشهر الأطعمة الأمريكية - 2015-01 - اليوم السابع
الباجل أشهر الأطعمة الأمريكية

يسألنى طالب سعودى عن إمكانية زيارة مصر لإتمام علاجه الطبيعى، أقول له إن الأوضاع أهدأ الآن، وأن السياحة الخليجية بدأت تعود تدريجيًا فى وضع أفضل من سنوات أربع فائتة، ينتفض المصرى، يقول لا، مصر ليست أمانا، مصر ليست بخير، مصر تعيش عصر من أكثر عصور انحطاطها، أحاول أن أتدخل فى الحديث، لا يسمح لى بالرد، يستدعى مضيف الطائرة التركى ويسأله هل يذهب أحد إلى مصر؟، يقول التركى لا.

يعود للسعودى ليثبت له، أن مصر غير آمنة، مصر لا تصلح للعلاج، يواصل حديثه فيمر من الأمن إلى السياسة، يقول مصر بلد القمع والظلم والنظام الحالى مجرم وقاتل، أقاطعه: القمع يجلب الأمن، وهذه أبسط قواعد المنطق.
المترو باص يغطى واشنطن كلها - 2015-01 - اليوم السابع
المترو باص يغطى واشنطن كلها

يواصل حديثه، أنا لا أحب مصر،ولم أشتر فيها شقة إلا كرامة لأمى، مصر تعيش انحطاطا والمعطيات تقول إن الثورة القادمة إسلامية، وأن السجون تكتظ بأصدقائه من المتعلمين والنابهين والأطباء، حتى أن صديقه حسام أبو البخارى محبوسًا.

أبتسم، أعرف أن جنسيته إخوانى، الوهم حليفه، لا يرى الواقع، لا يحب مصر كما نحبها نحن، لا توجعه إن ذكرها أحد بسوء أمامه، لا يشعر بالحسرة إن رأى بلادًا أخرى أجمل، لا تبكيه كما أبكتنى واشنطن، مصر ليست فى خاطره، مصر فقط على جواز سفره.

يحب الأمريكى بلاده، ولن يفهم أبدًا معنى أن تكره بلدك أو تشعر بالنقمة تجاهها، لن يصدق أن بلادك تغتال إنسانيتك يوميًا، لن يفهم أن الجوع والجهل والمرض سرقوا من وطنك كل شىء، فلم يمنحك إلا جواز سفر يعطلك عند أول حاجز حدودى، عشرة أيام قضيتها فى الولايات المتحدة، سألونى عن مصر فقلت إنها بلد كبير وحضارة عظيمة، احتميت بالتاريخ، فالواقع لم يترك لى أى منفذ لأحتمى، عشرة أيام قضيتها فى واشنطن، لم أنس لحظة قبح الإخوانى فى الطائرة، ولم أنس أن أكذب كلما ذكروا اسم بلادى أمامى.


العلم الأمريكى فى المتحف القومى بواشنطن - 2015-01 - اليوم السابع
العلم الأمريكى فى المتحف القومى بواشنطن








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

sandra ali

الحياة بامريكا مش وردية كما رايتي يجب ان تعشي فيها لتعرفي اكثر

عدد الردود 0

بواسطة:

اشرف المستكاوى

شكرا

عدد الردود 0

بواسطة:

عاصم سامي الزيات.

لاتحزني.

عدد الردود 0

بواسطة:

فريسكا

بحبك يابلدى

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق

مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد برعى

انتى والاخوانى شكل بعض

عدد الردود 0

بواسطة:

نظم

اليوم السابع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة