الانشغال بالشأن المحلى يجعل أحداثا دولية مهمة تضيع فى الزحام، يتجاهلها الإعلام الذى يطبل فى المتطبل، وفى ظل عدم وجود كوادر متخصصة يضطر الباحثون عن المعرفة إلى صحف ومواقع غير مصرية، وسط دخان وقنابل وبطش ذكرى ثورة يناير العظيمة، فاز حزب «سيريزا» اليسارى الراديكالى بأغلبية المقاعد فى البرلمانى اليونانى للمرة الأولى منذ عشرات السنين، نجح الحزب بسبب سياسة التقشف الإجبارى الذى فرض على الشعب، أليكسيس تسيبراس كان معارضا قويا خلال السنوات الخمس الماضية، تصدى لزيادة الضرائب وتسريح العمال والموظفين وخفض المعاشات، نجاحه أربك البنك الدولى وزعماء أوروبا والرأسمالية العالمية، وافق شعبه على الروشتة التى رأى أن فيها الدواء الناجع: الخروج من منطقة اليورو، إعادة النظر فى سياسة التقشف التى فرضتها أوروبا على اليونانيين، الذين احتفلوا بالفوز شعروا أنهم أنجزوا ثورة.
تسيبراس عمره أربعون عاما، وهو أصغر رئيس وزراء لليونان منذ قرن ونصف، قرأ خطاب الفوز فى ميدان جامعة أثينا، وليس فى مقر قصر زابيو الذى يتم فيه عادة الإعلان عن الفوز، النتيجة هذه انتصار للشعب اليونانى، وستكون ملهمة لشباب اليساريين فى العالم، لأن الانحياز للطبقات الفقيرة يحقق المجد والعدل معا، وأتمنى أن تستلهم أحزابنا اليسارية الفقيرة، والتى لا تمتلك قنوات فضائية أو صحفا ولا يوجد لها كفلاء، ذلك، وأن يتأكدوا أن النزول مع الناس بعيدا عن التلفزيون والإصغاء إلى همومهم هو الحل الوحيد لتمثيل العمال والفلاحين والموظفين والصيادين وأصحاب المعاشات فى البرلمان، لا أقول المقبل، ولكن ربما بعد ذلك، لأن تسيبراس الشاب نجح لأنه انحاز إلى الفقراء.. انحاز إلى المستقبل.