انتقد الكاتب المغربى أحمد المدينى، الكثير من الكتب التى تحمل تجنيس الرواية أو الشعر، والتى أصبحت مثل الطوفان، وخص بالذكر بلده المغرب، قائلا "ما نعيشه الآن لا يستطيع أى جنس أكبر من الرواية أن يستوعبه"، وهذا ما قاله الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة فى كتابه الذى أشاد به "زمن الرواية".
وأرجع المدينى السبب فى هذا الطوفان إلى ضعف النقد الأدبى الذى يفقد الشجاعة لقول كلمة الحق، قائلا "ما نراه الآن أن أى عابر سبيل أصبح يكتب وجزء من المسئولية يعود على النقد الأدبى" الذى وصفه بأنه غير شجاع، فضلا عن إشارته إلى أن دور النشر تساهم أيضا فى إفساد الأدب، مشيرا إلى أنه عندما يأتى لها الكاتب بمخطوطة فى اليد اليمنى وباليد اليسرى ظرف مالى، مؤكدا أن الجوائز ليست هى المقياس أبدا، فهى عندها حسابات أخرى.
وأكد المدينى خلال لقائه بالمقهى الثقافى أمس، وحاورته الكاتبة والروائية مى خالد، أن كلامه ليس معناه استصغار المواهب، مشيرا إلى أن هناك كتاب كبار يفعلون ذلك أيضا، لافتا إلى كتابات الغيطانى التى يسميها روايات، مشيرا إلى أنه يعتبرها مجرد نصوص لأنها مقتبسة من نصوص صوفية مكتوبة، موضحا أنه كاتب وناقد وجامعى وليس ببعيد عن النقد، ويقبله ولكن لا يجب أن يتخلى عن دوره كناقد.
وأشار المدينى إلى أن العالم العربى يعيش الآن فى فترة من أعقد وأصعب أوقات الزمن العربى، قائلا "أشعر أننا نعيش حصارا من أشد أنواع العدوان علينا، ولا أفضل استعمال كلمة المؤامرة، ولكن هناك تحديات كبرى ينبغى أن نصمد لنحمى أوطاننا وثقافتنا".
وأكد المدينى أن أدبه لا يطرح أزمة سياسية، مشيرا إلى أنه ينتمى إلى جيل ورث تراث الحركة المغربية العربية التى كافحت ضد الاستعمار، لذلك الكاتب لا يدلى بتصريحات سياسية فى نصوصه الروائية، مؤكدا أن هذا طرح خاطئ، مؤكدا أن رحلة الكتابة هى إعادة خلق هناك مدارس فى كتابة الرحلة وهناك الرحلة التى تكون بمثابة الرواية وهى رؤية حضارية بكل معنى الكلمة ونجد ذلك فى نصوص "نايبل" الحاصل على نوبل حيث كتب نصوص فى الرحلة بديعة، رغم كونه مقيتا وعنصريا، بحسب قوله.
وتحدث المدينى عن علاقته بمصر، قائلا "علاقتى بمصر تعود إلى السبعينيات، فكان صديقى رسام الكاريكاتير بهجت عثمان يصطحبنى إلى البروفات الأولى لنجم وإمام فى الغورية"، مضيفا أن "ما يعنينى عندما أجىء لمصر هو الحياة اليومية، وأحب أطوف فيها مشيا على الأقدام وأسمع الأصوات وأشم الروائح"، مشيرا إلى أنه عاش تجارب قاسية، من جوع وتشرد، فى البلدان وفقدان لجواز سفره، فكيف يضل الطريق فى مصر"، وصدر له حديثا فى مصر كتاب "مصر فى القلب" عن الدار المصرية اللبنانية، يتحدث فيه عن معايشته للثورة المصرية فى يناير، وأحداث السادس من أكتوبر العام الماضى.
وكتب المدينى أولى مجموعاته القصصية "العنف فى الدماغ" عام 1971، مشيرا إلى أنه يعتبر هذه المجموعة القصصية طليعية رفضت محاكاة الواقع ودفع الكتابة إلى تخيلات جامحة، أى بمثابة مانيفستو للكتابة. قائلا "الأدب القوى فى النهاية هو الأدب الكلاسيكى بعد أن يتشرب كل القيم الفنية الكبرى، ولكن ليس بمفهومها الأسلوبى، كل كاتب مغترب فى مجتمعه وفى زمانه وأدواته أى وجود مسافة بين ما يعيش حوله حتى يصبح آخر والكتابة مرتبة أعلى للاختلاف، فهو يريد أن يكون خالقًا آخر لزمن ومزاج آخر، الكاتب لا يجيب عن تساؤلات القارئ وكل نص هو جزء من تقديم الجواب".
وقال الكاتب إبراهيم عبد المجيد: "إن المدينى له حصيلة قوية فى فن علم الجمال فى الأدب العربى لم يلتفت إليها أحد"، مؤكدا أن إبداعات المدينى بمثابة عقل كبير، ودعا لدراسة هذه النصوص، لاستخراج ما بها من رموز نقدية، مشيرا إلى أن رحلات أحمد المدينى تعد تحفة فى الزمان والمكان، حيث أوجز العلاقة التاريخية التى احتار فيها البشر بين الشرق والغرب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة