من يحلل مضمون كل تصريحات قادة الأحزاب التى تنتقد قائمة د. كمال الجنزورى يدرك أنهم يذوبون شوقا للولوج إليها، وذلك لأن «نائبا فى قائمة مضمونة خير من عشرة نواب فردى على الشجرة»، ثم إن العلاقة بين الجنزورى والجمهورية الثالثة السيساوية من جهة والأزهر والكنيسة ورجال الأعمال (التقال) من جهة أخرى لا تحتاج إلى تأكيد، وبذلك تكون السلطات الثلاث (السياسية والدينية والمالية) وراء القائمة الجنزورية!! لذلك مازالت الأحزاب التى لم تلحق بقائمة الجنزورى، عين على الجنزورى وأخرى على عبدالجليل، وبعد أن تفككت الجبهة المصرية بفعل «لعنة الجنزورى»، وركبت معظم أحزابها السبع مركب الجنزورى.. وتركت على الشط أحزاب (التجمع والغد والمؤتمر) بلا مركب أو بلغة السوق «باعوهم»، فقدت تلك الأحزاب توازنها، تارة تعلن أنها تتفاوض مع الدكتور الجنزورى، وأخرى تؤكد أنها تتفاوض مع الوفد المصرى، وثالثة تعلن أنها سوف تنضم إلى قائمة الدكتور عبدالجليل مصطفى، وكانت أحزاب الوفد المصرى قد عقدت أكثر من اجتماع مع الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى.. من أجل محاولات التواصل مع قائمة د.عبد الجليل مصطفى، ولكن المحاولات باءت بالفشل لمعارضة الوفد المصرى للتوافق مع التيار الديمقراطى الذى يضم التيار الشعبى وأحزاب الكرامة والدستور، الأمر الذى أغضب ما تبقى من الأحزاب اليسارية والرديكالية الليبرالية مثل الدستور رغم أن أغلب هذة الأحزاب كانت أعضاء فى التحالف الديمقراطى المتحالف مع الإخوان فى انتخابات 2012 (ماعدا الدستور)، كما أن التحالف الاشتراكى بقيادة أستاذنا عبدالغفار شكر والدكتور عبدالجليل مصطفى كانا من أهم أقطاب «فيرمونت» وحملة مباخر الإخوان ومرسى تحت شعار «عاصرى الليمون»، ولأن حزب المؤتمر يعد من أحزاب «الفلول» من وجهة نظر المصرى الديمقراطى، الذى أبدى اعتراضة على ضم المؤتمر مع قائمة الوفد أو قائمة عبدالجليل، وانتهى الأمر بإشهار البدوى الطلاق لقائمة الجنزورى (بعد أن فشلت مفاوضاته معه)
ونجاح الجنزورى فى ضم حزب المحافظين عبر زعيمه أكمل قرطام إلى قائمته، ومن جهته صرح أحمد فوزى الأمين العام للحزب المصرى الديمقراطى، وعضو المجلس الرئاسى لتحالف الوفد المصرى «للشروق 31 ديسمبر»: أن التحالف لن يشارك فى القائمة التى يعدها د. كمال الجنزورى، لأنه يراها مدعومة من قبل السلطة التنفيذية، وأكد على أن الحزب لن يخوض الانتخابات إلا من خلال قائمة وطنية جامعة، وسيخوضها على المقاعد الفردية من خلال تحالف الوفد.
هكذا يبدو جليا للعيان أن كل الأحزاب التى خارج قائمة الجنزورى متناقضة (الوفد لا يقبل أحزاب اليسار، والمصرى الديمقراطى لا يقبل المؤتمر وأحزاب «الفلول»، وبذلك فإن أحزاب المؤتمر والتجمع والغد قد خرجت من مولد قائمة الجنزورى بلا حمص).
هكذا بدأت المعارك الانتخابية «ذات القوائم» مبكرا، وفى المؤتمر الصحفى الدورى قال حزب المصريين الأحرار بمقره، على لسان د. عصام خليل السكرتير العام للحزب والقائم بأعمال الرئيس (بعد استقالة د. أحمد سعيد سبتمبر الماضى): «مستمرون فى تأييد قائمة د. كمال الجنزورى»، وأضاف: «المصريين الأحرار» يثق فى الجنزورى وأعطيناه الأسماء وفوضناه فى اختيار الأصلح للوطن، وكان الحزب قد أصدر من قبل بيانا بعنوان «مصر قبل المصريين الأحرار» فى نوفمبر الماضى أيد فيه قائمة الجنزورى، ثم اكد على ذلك مسؤول الإعلام نصر القفاص، والمتحدث الرسمى شهاب وجيه، وكما يبدو فإن الحزب يهتم بالأساس بالانتخابات فى الفردى ويركز عليها.. وتأييده للقائمة الجنزورية مجرد عربون محبة وتفاهم مع الجمهورية السيساوية الثالثة.
هكذا استطاع الرجل الصامد والصامت خلف قلعته فى هيئة الاستثمار أن يشق الجبهة المصرية وتنسحب أحزاب «التجمع والمؤتمر والغد» فى ضربة واحدة، وبعدهم «الشعب الجمهورى»، وكانت سبعة من أحزاب ومكونات الجبهة الوطنية قد أعلنت انضمامها إلى قائمة الجنزورى، وهى أحزاب الحركة الوطنية، مصر بلدى، الجيل، مصر الحديثة، اتحادى عمال مصر والنقابات المهنية وتركت الأحزاب الأربعة الأخرى على قارعة الطريق، ولعل أدق تعبير عن ذلك هو ما قالة سيد عبدالعال، رئيس حزب التجمع، فى المؤتمر الصحفى الذى عقد بمقر الحزب بعد الانسحاب أو «الخديعة»: «قائمة د. الجنزورى تسببت فى تفكيك الجبهة المصرية بعد موافقة أحزاب فى الجبهة على تكوين القائمة فى غياب الأحزاب الأخرى ولم يعلم رئيس التجمع من الأساس أن حزبه العتيد كان للأسف مجرد «محلل» لتفاوض أنصار النظام المباركى مع قائمة الجنزورى ومع احترامنا للمناضل سيد عبدالعال فإنه لم يستفد من خبرة رفعت السعيد المعلم الأول للتفاوض وعقد الصفقات فخسر التجمع كل شىء.
أما حزب المؤتمر ووفق ما قاله رئيسه عمر صميدة: «المؤتمر مجموعة من الأحزاب» فى دلالة واضحة على التصدع الذى حدث فى الحزب بعد أن أصابت الدكتور عمرو موسى «لعنة الخمسين»، وأصبح هناك خلاف مكتوم بينه وبين الحكم، وربما يكون أكثر من ظلم فى قسمة الغرماء الرجل الفاضل اللواء أمين راضى، ومثلما لم يتعلم التجمع من حكمة السعيد لم يتعلم المؤتمر من حكمة أمين راضى!! أما حزب الغد فمازالت تطارده لعنة أيمن نور، مع تقديرنا لجهود موسى مصطفى موسى، وأعتقد أنه من الأجدر أن يشكل حزباً جديداً.
هل يضحى حزب الحركة الوطنية بشفيق؟
هلل أنصار الجنرال بعد قرار المحكمة ببراءة مبارك بعودة الجنرال فى إشارة واضحة للارتباط الشرطى بين شفيق ومبارك، ولكن سرعان ما أصدر الجنرال تصريحا من منفاه الاختيارى بأنه لن يعود إلا بعد رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول، والملفت للنظر أيضا أن طعون الجنرال ضد مرسى فى الانتخابات الرئاسية يونيو 2012 قد درستها اللجنة العامة للانتخابات السابقة وأعلنت عدم صحتها، (فى إشارة واضحة لا تحتاج إلى لبس لمن يريد أن يحلل الموقف) وبعد التحاق الحركة الوطنية بالجنزورى، هل يضحى الحزب بمؤسسة شفيق من أجل مستقبله السياسى؟
سليمان شفيق
هل أصبحت قائمة الجنزورى عصا موسى التى تبتلع القوائم الانتخابية الأخرى؟
الإثنين، 05 يناير 2015 08:13 م