الهجمات الإرهابية على مقر مجلة «شارلى إيبدو» الأسبوعية الفرنسية الساخرة، التى أثارت ضجة عام 2011 عندما نشرت رسومًا مسيئة للنبى محمد، وتعرضت لانتقادات حتى داخل فرنسا لأنها تخلط بين الرسول، والمتطرفين والإرهابيين. دخل ملثمان مبنى المجلة أمس، وأطلقا الرصاص على العاملين، قتلا أكثر من 10 وأصابا آخرين، وكانا يهتفان «الله أكبر».. للأسف فإن الهتاف تحول إلى علامة إرهاب، وليس علامة إسلام.
الهجمات على المجلة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، سبقتها هجمات وفتاوى ضد صحف ومجلات أوروبية، اتهمت بأنها تنشر رسومًا مسيئة للإسلام والرسول، وهى رسوم واتجاهات تتبنى تعميم الإرهاب على الإسلام، وتنطلق من متعصبين أوروبيين، لكنه تعصب فى الرأى يحتاج إلى مواجهة وليس الرصاص.
الصحيفة الفرنسية متهمة بأنها نشرت إساءات لداعش والإسلام والنبى، وهنا نقطة مهمة لأن الأوروبيين، خاصة فى الإعلام غير المطلع، يخلطون بين المسلمين والإرهابيين، ويتجاهلون أن الأغلبية من المسلمين مسالمة ومعتدلة، ثم أنهم يخلطون بين الإرهابيين، مثل الظواهرى وبن لادن والبغدادى، وبين الرسول كرمز للمسلمين. والمفارقة أن المتعصبين من الدواعش والأوروبيين يتفقون فى الفهم المسىء للإسلام والرسول، والهجمات الإرهابية تكشف أن التفكير الداعشى لا يختلف فى أوروبا عنه فى الشرق.
لقد كانت الفتوى الإيرانية بتحليل دم سلمان رشدى، والهجمات على الصحيفة الدنماركية منذ سنوات، واليوم على الصحيفة الفرنسية، كلها تصدر من تفكير لا يرى حلًا غير القتل، بينما الإسلام نفسه، والخطاب المسلم الطبيعى لديه الحل الذى يمكن أن يأتى بنتائج أفضل.. الحوار، والدعوة، والاعتدال، وهى أمور جذبت للإسلام مئات، بينما الإرهاب يدفع للإلحاد كرد فعل.
اليوم فإن الهجمات والقتل والرصاص، فضلًا على صور الذبح الداعشى فى العراق وسوريا، كلها تصب فى تأكيد وجهات نظر اليمين المتعصب فى أوروبا ممن يطالبون بطرد الأجانب، ومواجهتهم، واعتبارهم خارج الثقافة الأوروبية، وأنهم يمثلون فكرًا همجيًا لايعرف غير الدم، ولا يعرفون أن تهاونهم مع الإرهاب فى ليبيا والعراق وسوريا يعيده إليهم، وهم إما يواجهون أبناءهم ليحموهم من الإرهاب، أو يواجهون وضعًا عنصريًا وطائفيًا، لأنهم يسيئون فهم الإسلام، ويخلطون بينه وبين الإرهاب، مثلما يسىء الدواعش تفسير الإسلام وصورته.
هناك أجهزة ومنظمات وشركات وأنظمة إقليمية ودولية تمول داعش بالمال والسلاح، وتحقق أرباحًا من الإرهاب، وتغذى الفهم الإرهابى للدين، لأنه يحقق أغراضها، ويعود عليها بالربح.. اليوم تكتشف أوروبا أنها ليست بمأمن، وأن أبناءها الأوروبيين هم من يحملون الفكر الإرهابى، صحيح أنهم ينتسبون للإسلام، وأنهم محسوبون على المسلمين، لكن فى النهاية هم مواطنون أوروبيون، فهل تطردهم أوروبا أم تواجههم بالفكر وليس بالتعصب؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة