ناصر عراق

الطهطاوى وداعش فى باريس

الجمعة، 09 يناير 2015 01:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذهب الطهطاوى إلى باريس قبل قرنين، فعاد حاملا زهور المعرفة وأشجار التفكير العقلى، واقتحمت داعش باريس قبل يومين فقتلت 12 رجلا بينهم عشرة صحفيين!

ارتحل رفاعة الطهطاوى إلى باريس عام 1826 مبعوثا من والى مصر محمد على باشا، فرأى وشاهد وتأمل، واكتشف كم نحن متخلفون فى مصر، وأن الإسلام الذى نؤمن به لا يرضى بهذا التخلف، فسعى وراء المعرفة ينشدها أينما كانت، وقد تعلم اللغة الفرنسية حتى يستزيد من العلوم والمعارف، ثم عاد إلينا بعد خمس سنوات حاملا بيمينه كتابه المدهش (تخليص الإبريز فى تلخيص باريز)، والإبريز يعنى الذهب، والمعنى واضح فباريس عبارة عن منجم ذهب، وما كتبه الطهطاوى محاولة لاستخلاص هذا الذهب- العلم والمعرفة والآداب والفنون- من المنجم الضخم.

أما داعش فقد أرسلت اثنين من أعضائها إلى مقر جريدة «شارلى إيبدو»، لا ليتعلما فنون الصحافة والرسم، بل ليقتلا الصحفيين، ووفقا لما كتبته الأهرام الخميس 8 يناير (هاجم مسلحان باستخدام قاذفة صواريخ وكلاشينكوف مقر صحيفة شارلى إيبدو الساخرة فى قلب باريس، مما أسفر عن سقوط 12 قتيلا بينهم رئيس التحرير وشرطيان، إلى جانب إصابة 11 آخرين).

المحزن فى الأمر أن الإرهابيين هتفا (الله أكبر) وهما يطلقان رصاصات الغدر على المسالمين، كما ذكر شهود العيان، الأمر الذى يزيد من سوء سمعتنا بوصفنا مسلمين، وكأن الله عز وجل يرضى بهذه الجرائم الوحشية - سبحانك أيها الغفور الرحيم!
ترى.. من يتحمل وزر هذا العمل الإرهابى الخسيس؟

إذا تخففنا قليلا من أثر الصدمة المروعة وأعملنا العقل، فسنكتشف أن الغرب يتحمل نصيبا كبيرا مما حدث فى باريس، إذ ارتكب عدة جرائم ضدنا أوجزها فيما يلى: طوال العصور الحديثة وقوى الغرب لم تتوقف لحظة عن استعمار ونهب البلدان المتخلفة، وأكثرها من المسلمين، الأمر الذى جعلنا نكابد الفقر والجهل والمرض على طول الخط.

أما الجريمة الثانية فهى دعم القوى الكبرى للطغاة فى عالمنا العربى، وكلنا يعرف كيف وقف الغرب مع السادات ومبارك ومرسى وصدام والقذافى إلى آخر السسلسة البائسة من الحكام الذين أذاقوا شعوبهم مرارات بلا حصر.

وتبقى الجريمة الأخيرة التى ارتكبها الغرب ومازال فى حقنا، وهى استقبال أصحاب الأفكار المتخلفة العنيفة ومنحهم حقوق اللجوء السياسى بزعم تدعيم حرية الرأى!

أما جرائمنا نحن فى حق أنفسنا فحدث ولا حرج، فنحن خضعنا للحكام الطغاة فلم نقاومهم بما يكفى، ونحن أُصبنا بالغرور واعتقدنا أن ما حققناه فى العهود القديمة للإسلام يكفينا لمواجهة العصور الجديدة، فتوقفنا عن التعلم حتى أصبحنا عالة على الحضارة الحديثة، ونحن لم نقف بحزم ضد تجار الدين الذين أفسدوا عقول الشباب ودمروها حتى بات الواحد من هؤلاء الشباب الجاهل يذهب إلى باريس اليوم ليقتل، فى حين أن جد جد جده ذهب إلى باريس قبل قرنين ليتعلم!
حقا.. ما أتعسنا!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة