لا تستسلم للظلم، الاستسلام للظلم ضعف، وتذكر أنه مهما بلغ الظلم معك ذروة قسوته، فقد تمادى من قبل مع خير أهل الأرض، مع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
انظر وتأمل ما فعله البشر بأهل بيت رسول الله من ذبح وتشريد ومطاردة وستعرف أن ما نزل بك من ظلم أقل بكثير من أن يصيبك بيأس أو إحباط أو قعود عن مواجهة وقتال.
سيدنا الحسين، رضى الله عنه، استشهد فى أيام كهذه وهو يقاوم الظلم، فقد روحه فداء لفكرة الفداء نفسها، ترسيخا لفكرة التضحية من أجل ما نؤمن به، وقف وحيدا فى كربلاء يدافع عن الحق، ولم لا وهو ابن على كرم الله وجهه وفاطمة الزهراء وحفيد رسول الله «صلى الله عليه وسلم»؟! يقول عنه ابن كثير: «كل مسلم ينبغى له أن يحزنه قتل الحسين رضى الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة، وقد كان عابداً وسخياً».
ملحمة استشهاد الحسين بدأت على أرضية سياسية، صراع من النوع الذى يحبه رجل الشارع، صراع على الحكم بين من أيده الناس، وبين صاحب القوة، صراع تفاصيله واضحة وضحاياه معلومون بشكل لم يخذل الناس وقدم لهم الوجه القبيح للعبة السياسية.
ظلم الحسين كثيرا، المرة الأولى حينما حاول يزيد بن معاوية سرقة حقه فى الحكم، والثانية حينما تخيل يزيد ومن معه أن الحسين طامع فى سلطان لا مدافعا عن حق وبيعة وضعها الناس فى رقبته، والثالثة حينما تعرض للخيانة، جاء الحسين خبر مسلم بن عقيل، فانطلق الحسين يسير فى طريق الشام نحو يزيد، وحتى تكتمل الأزمة وتزداد سخونة الملحمة يقطع جيش يزيد- بقيادة عمرو بن سعد، وشمر بن ذى الجوشن، وحصين بن تميم- الطريق على سيدنا الحسين فى مكان يدعى كربلاء، قرب نهر الفرات، ويمنعون الماء عن الأطفال والنساء، لتبدأ معركة شرسة سقط فيها خمسون شهيداً، وبقى مع الحسين عدد قليل من أصحابه وأهل بيته، سرعان ما استشهدوا وبقى سيدنا الحسين وحيداً، فودّع عياله وأمرهم بالصبر والتحمل فى سبيل الله، ثم ركب جواده وتقدم يقاتل آلاف الجنود وحده، حتى سقط شهيداً، فتقدمت زينب بشجاعة إلى جثمان أخيها الحسين، وضعت يديها تحت الجسد الطاهر، ورفعت رأسها إلى السماء، وقالت بخشوع: «إلهى تقبّل منّا هذا القربان» ثم تكتمل الأسطورة بقطع رأس سيدنا الحسين، وتذهب إلى مصر، فتزداد الأسطورة اكتمالا لدى شعب عرف عنه أنه عاطفى لأقصى درجة، ليتحول ضريح الحسين فى القاهرة إلى ملجأ، يتشبث فيه الضعفاء والمقهورون، ويقصده أصحاب الحاجة لعله يدافع عنهم أو يساندهم، كما دافع عن المقهورين وسقط دونهم شهيداً فى كربلاء.
الحسين لم يمت، الحسين باق بما أبقى عليه من شجاعة وخلق نستمد منها المدد، الحسين لم يمت، الحسين أيقونة خالدة تتلخص فى دعائه صباح يوم عاشوراء: «اللهم أنت ثقتى من كل كرب، ورجائى من كل شدة، وأنت لى فى كل أمر ثقة وعدة، فكم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولى كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية يا رب العالمين».. انصروا الحسين وما آمن به الحسين وما ضحى من أجله الحسين ولو بعد حين!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة