فى شهر مايو عام 2009 دعانى الكاتب الراحل وأستاذى يوسف الشريف لإجراء حوار مع الدكتور ممدوح البلتاجى الذى رحل هو الآخر عن عالمنا السبت الماضى، أبلغنى «الشريف» بأنه رتب الموعد، وذهبنا سويا إلى منزل الوزير الذى كان خارج منصبه الوزارى بعد نحو 11 عاما وزيرا للسياحة وفترة قليلة للشباب وأخرى فى وزارة الإعلام.
فى منزل «البلتاجى» بالمهندسين كانت جلستنا بحضور السيدة الفاضلة زوجته، وعلى نكات أطلقها يوسف الشريف بخفة دمه المعروفة دار الحديث، وكان محوره الرئيسى تفكير البلتاجى فى كتابة مذكراته الشخصية بدءا من طفولته، ووفاة والده فى مرحلة مبكرة من حياته وتحمله المسؤولية بعده، ثم دراسته وتخرجه وعمله فى النيابة وكيلا للنائب العام، وتحقيقه من داخل الزنزانة مع أحد المتهمين الرئيسيين فى قضية إحياء سيد قطب لتنظيم الإخوان عام 1965، وحصوله على اعترافات مهمة عن خطط التنظيم لتفجيرات إرهابية اعتزم تنفيذها مثل تفجير القناطر الخيرية لإغراق الدلتا وتفجير الكبارى، ثم خروجه من سلك القضاء فيما سمى بـ«مذبحة القضاء»، وتوجه إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراة، وفيها قام بدور وطنى رائع فى مواجهة الوجود الصهيونى بكل نفوذه فى فرنسا.
كانت هناك قصة شاعت قبل حوارى، ودارت حول قيامه بإفساد صفقة بيع أراضٍ فى سيناء لقطريين وقت أن كان وزيرا للسياحة، ولما علم بأن القطريين هم واجهة لإسرائيليين أبلغ الجهات المعنية بالأمر، والغريب أنه فعل ذلك بعد أن اصطدم بموقف رئيس الحكومة وقتئذ الدكتور عاطف عبيد، الذى شجع الصفقة من باب الحصول على ثمن كبير لها، فتوجه إلى الجهات الأمنية المعنية التى أفسدت الصفقة كلها، وأنهت اختراقا كاد أن يتم للأمن القومى.
سألت البلتاجى عن هذه القضية، فأكدها وشرحها لنا، ولما قال له يوسف الشريف : «دورك عظيم يا دكتور ممدوح، وهذا شىء معهود منك أعرفه عنك»، رد البلتاجى : «أنا عملت اللى مفروض يعمله أى مصرى بيحب بلده»، والتفت الشريف لى قائلا: «هو ده ممدوح، إحنا أصدقاء من سنوات طويلة».
استمرت الجلسة، واستمر الحديث عن المذكرات التى ستكون عن حياة هذا الرجل العظيم الذى ترك سيرة وطنية طيبة فى كل مكان خدم فيه، ولا أعرف إن كانت قد تمت أم لا؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة