نقلا عن العدد اليومى...
فى مواجهة الألم، تجد الحياة لنفسها الطريق دائماً وأبداً، من بين جدران الوجع تشق طريقاً ممهداً لتخرج، وخلف مأساة الصدمة تعترض ثائرة رافضة الاستسلام حتى أمام أقوى الحروب وأشدها ضراوة مثل «السرطان»، الذى لا ينتصر على الأقوياء، رغم أنه أحيانا ينهى آمالهم فى استكمال ما بدأوا من خطط مستقبلية، ويحطم معالم الحياة فى أجسادهم التى يصيبها «الكيماوى»، وقسوة العلاج بالجفاف والضمور الذى يطول حتى ضى الابتسامة يطفئها ويحيل بريقها إلى ظلام معتم.
أما من قرر البحث عن الضى فسيجد لنفسه الطريق الذى تخرج منه الحياة، مثل حالات لا حصر لها من المصابين الذين وجدوا طريقاً آخر للعبور بعيداً عن اليأس الذى قد تتجاوز صعوبته صعوبة ألم السرطان أحياناً، وخاصة من السيدات اللاتى وجدن لأنفسهن طرقاً موازية للحياة حتى وأن قرر السرطان إعلان الحرب، تقبلوا الأمر بصدر رحب، حتى وإن أصاب السرطان أغلى ما تملك أنوثتهن، حاربوا أشباحه بالرقص والغناء، الحب، والفضفضة، والإكسسوارات والماكياج، والفساتين، والركض هرباً من يأس المرض، وبقت آمالهن يقظة بأسلحة ناعمة لمواجهة السرطان..
ستات رفعن شعار «بيدى لا بيد الكيماوى»
البداية تكون كما كل البدايات «ناعمة»، تبدأ مع شعر الجسد الزائد الذى يتساقط بسهولة بمجرد الاستحمام، دون أى محاولة للتخلص منه، كما تفعل كل النساء، الساقان واليدان وتحت الإبط.. كلها أنعم وبدون شعر. القلق الحقيقى يبدأ حين تستيقظ من النوم لتجد خصلات من شعرها ترقد بسلام إلى جانبها على الوسادة، وتدرك أنها ضريبة المقاومة التى يدفعها جسدها.
البعض يلجأن للشعر الصناعى والباروكة والقبعات والحجاب لإخفاء ما يحدث تحته، والأخريات يقررن أن يتخلين عن الشعر بإرادتهن كى لا تذكرهن كل شعرة تسقط بما يفعله «الكيماوى» فى جسدهن، والنتيجة قائمة طويلة من النساء حول العالم قررن أن يحولن معركتهن مع السرطان من الخفية إلى العلن، بتخليهن بكل بساطة عن الشعر ورفض البدائل الصناعية له التى تعد نوعًا من إنكار الواقع، من أبرزهن «مليسيا إثريدج» مغنية الروك والصحفية الأمريكية «روبن روبرتس».
هذه الشجاعة التى ربما يسهل تقبلها فى الغرب واجهتها شجاعة أكبر من ملهمات عربيات تخلين عن شعرهن، وعلى رأسهن المطربة الفلسطينية «ريم بنا» التى تواجه الآن المرض للمرة الثانية بعد أن داهمها أول مرة عام 2009، والإعلامية المصرية «بسمة وهبى» التى قررت الظهور برأس حليقة بعد تعافيها من المرض فى فبراير 2014، ومن مصر أيضًا عُرِفت الصحفية «حنان كمالـ«التى تتحدث بكل شجاعة ووضوح عن معركتها مع المرض، والتى تؤمن بأن الدعم الأكبر للمريضات هو مساعدتهن على تقبل أنفسهن بدلاً من تشجيعهن على التخفى وراء «باروكة»، كذلك تخلت الفنانة الكويتية «زهرة الخرجى» الناجية من السرطان، فى أكتوبر الماضى عن شعرها تمامًا بعد ندوة للتوعية بمرض سرطان الثدى فى إحدى جامعات الكويت.
الإكسسوارات من أجل الحياة.. من الشريط الوردى لأساور الشعر
ما بين أساور مزينة بشعر السيدات الخاضعات للعلاج الكيماوى، والخواتم والسلاسل والمعاصم والزهور تتنوع إكسسوارات السرطان لتجسيد هذه التجربة الصعبة وتحويلها من ألم إلى قطعة فنية، ونموذج لتوعية السيدات بمرض السرطان وخاصة سرطان الثدى.
«ندى عمرو».. إحدى الفتيات فى المرحلة الثانوية ولكن موهبتها الفنية جعلتها تفكر فى تصميم خط للإكسسوارات الخاصة بالسرطان، بدأتها بخاتم من النحاس على شكل «فيونكة السرطان الوردية» لدعم المرضى بأسلوب مختلف عن التبرعات أو الزيارات، كما طورت المشروع لأفكار أخرى منها «أكاليل الزهور التى تحمل الألوان التى تعبر عن أنواع المرض المختلفة»، مثل الوردى لسرطان الثدى والبرتقالى لسرطان الرئة، والأخضر لسرطان الغدد الليمفاوية، وغيرها من الألوان التى ترمز لكل نوع. وتقول ندا إنها تبرعت بالخاتم للجمعية المصرية لدعم مرضى السرطان، وتبرعت بأرباحه لصالح الجمعية ومرضى السرطان، لتقديم الدعم المادى والمعنوى للمرضى». ندى ليست الوحيدة التى قررت استخدام الإكسسوارات التى تصممها لدعم مريضات السرطان، فهناك مجموعات شبابية عديدة ومؤسسات خيرية مثل: مؤسسة رسايل آدم وحملة فنون وردية التى تبنت الفكرة نفسها لتقديم الدعم المادى والمعنوى والتبرع بعائد هذه الإكسسوارات لمرضى السرطان.
بين الوشم والحنة.. حولى ندوبك لأوسمة
بعد استئصال المرض والتعافى منه تتبقى الندبات على الصدر وسامًا لشجاعتهن ولكنها فى الوقت نفسه تذكرهن مرارًا بالألم الذى عشنه، لذا قررت الجميلات المحاربات أن يحولن هذه الندبات إلى رسومًا فنية جميلة تعوضهن عما ارتكبه المرض بحق أنوثتهن، وأصبحت الوشوم الملونة التى تغطى آثار جراحات استثصال الثدى اتجاهًا شعبيًا فى مختلف أنحاء العالم. وفى تحدٍ للمرض واستهدافه للأنوثة، قررت أخريات أن يعوضن ما فقدنه من شعر الرأس بسبب السرطان، برسوم حنة رائعة تغطى رأسهن العارِ، وبدأت الفكرة من الفنانة الكندية «فرنسيس داروين» وانتشرت فى جميع أنحاء العالم لتتحول الرؤوس الخالية من الشعر من شىء محرج يحاولن إخفاءه إلى قطعة فنية جميلة يتباهين بها.
وتفوقت الحنة على الوشم فى كونها طبيعية 100% وخالية من أى مواد صناعية من شأنها تحفيز الخلايا السرطانية، فضلاً عن أن رسوم الحنة غير مؤلمة أبدًا على عكس الوشم.
فى الحرب مع المرض.. أحمر الشفاه يتحول إلى سلاح
بعيدًا عن الكآبة والحزن والنظرة الدونية للذات، ورغم الألم والطعنات التى يوجهها المرض لأنوثتهن قررت «وفاء السيد» أن تواجه المرض بطريقتها الخاصة، تسلحت بأحمر الشفاه وأدوات التجميل ومستحضراتها المختلفة وانضمت إلى إحدى جمعيات دعم مرضى سرطان الثدى واقترحت عليهن فكرة لمحاربة المرض بالتجميل ونظمت مع الجمعية جلسات لتجميل المريضات بالاستعانة بفنانة ماكياج لمساعدتهن على استعادة ثقتهن بأنفسهن والشعور بأنوثتهن.
واجهى المرض بالأغانى.. عشان «أنتى لسه جميلة»
لم تستسلم «غادة صلاح» لتغير شكلها وتساقط شعرها بعد أول جلسة كيماوى خضعت لها، وظلت على يقين بأنها جميلة وستظل كما هى، فاستخدمت المكياج لإخفاء آثار الألم والباروكة لإخفاء شعرها، ولأنها رأت أن حالتها ليست الوحيدة قررت أن تطالب صديقها على فيسبوك الشاعر وليد عبدالمنعم، أن يقدم أغنية تجسد آلام المصابات بالسرطان، لتكون الأغنية أول أوبريت غنائى فى الشرق الأوسط عن مريضات السرطان.
«إنتى لسه جميلة، لسه لسه عايشة، ولسه حاسة، كل حاجة حلوة فيكى، ولا فيكى حاجة ناقصة».. مقطع من أغنية «أنتى جميلة» التى قدمها وليد عبدالمنعم مع المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدى لنقل معاناة مريضات السرطان.
ويقول وليد عبدالمنعم لـ«اليوم السابع»: «قصة الأغنية جاءت من حكاية لإحدى الناجيات من السرطان التى تواصلت معه لعمل أوبريت غنائى لنقل معاناة المريضات بالسرطان وخاصة سرطان الثدى».
وأوضح أن الأغنية موجهة للناجيات من هذا المرض وللمريضات لإعطائهن أملاً فى الحياة، وتعزيز ثقتهن بأنفسهن وجمالهن، مضيفاً أنه بالرغم من أن الديوان يتضمن معانى مختلفة ومتنوعة موجهة للمرأة إلا أن تركيزه بشكل أكبر على مريضات السرطان.
وتحكى أغنية «أنتى جميلة»، التى غناها كل من: حنان ماضى، فيروز كراوية، سلمى الصباحى، منة حسين، عضو فريق «قص ولزق»، مى عبدالعزيز، مصطفى شوقى، محمد على وأحمد حسن، قصة كل سيدة تصاب بالسرطان وكيف تكتشف المرض وما هى مشاعرها حينها ما بين الحزن والخوف والألم والدموع، وكيف تتغلب على هذا بثقتها بأنها «أحلى أنثى».
بين الشرقى والغربى.. محاربة السرطان «بالواحدة ونص»
مع بداية شهر أكتوبر تبدأ الجمعيات الأهلية والمبادرات المعنية بتوعية ودعم مريضات «سرطان الثدى» فى البحث عن أفكار جديدة لجعل المريضات يدخلن فى حالة نفسية جيدة وجعلهن يشعرن بأن ما أصابهن ليس هو آخر المطاف، وأن العلاج والشفاء من الأمور القريبة، ومن بين هذه الأفكار الجديدة انطلقت العديد من مسابقات الرقص لدعم المريضات سواء الرقص الشرقى أو الغربى، بهدف واحد وهو خلق جو من المرح لمحاربة هذا المرض اللعين
وتحت شعار «معا ضد سرطان الثدى» على أن تخصص عائدات الحفل لعلاج المريضات والإنفاق على الأبحاث المرتبطة بمحاربة سرطان الثدى.
وبدأت فكرة العلاج بالرقص من الهند ثم انتشرت فى جميع أنحاء العالم، فالهنود لديهم ثقافة الرقص كأحد طقوس الحياة وكان رد فعل حفلات الرقص لدعم مريضات السرطان مبهرا، فمن خلالها أعلنّ أنهن لسن فقط بحاجة للدعم النفسى والتبرعات، ولكنهن بحاجة كذلك لأن يعشن أجواء من الفرحة والأمل.
غرفة القراءة الوردية.. بوسع كتاب أن ينقذ كل شىء
بوسع كتاب أن ينقذ كل شىء مقوله شهيرة للمفكر «كارلوس ليسكانو» الذى يؤكد أن القراءة قادرة على تغيير كل شىء فى العالم، ومن هنا كانت فكرة «غرفة القراءة الوردية» لتكون الأولى من نوعها المخصصة للبنات والسيدات للتوعية بأخطار «سرطان الثدى» والتعرف على أسبابه، وأيضا تقديم الدعم والعلاج لغير القادرات من سيدات مصر وخاصة الصم وذوى الاحتياجات الخاصة.
فكرة غرفة القراءة الوردية تقوم على توفير مكتبة للقراءة والاطلاع، وذلك بتوفير عدد من الكتب والأبحاث التى تتحدث عن المرض، بالإضافة إلى الخدمات الداعمة لوقت القراءة من مشروبات طازجة، وطباعة للأبحاث والدارسات، وتوفير أجهزة كمبيوتر ثابتة للمترددين على المكان، وإقامة الندوات وورش العمل، وجلسات النقاش والدردشة حول قصص المصابات بالمرض ووضع خطط للدعم، وتصميم كتيبات ونشرات للتوعية والإرشاد توزع فى أماكن تجمع السيدات والفتيات. وجاءت فكرة «الغرفة» نتاج تعاون ومشاركة مع حملة فنون وردية لمحاربة سرطان الثدى بلغة الإشارة، وكان الافتتاح أول شهر أكتوبر الجارى كونه الشهر العالمى لمحاربة سرطان الثدى، ولاقت الفكرة تشجيعا وترحيبا من كثير من الشابات وسيدات المجتمع لدعم الفكرة، خاصة وأن العائد سيذهب لمساعدة المريضات فى جميع أنحاء الجمهورية.
فى مواجهة «الوحش».. الجرى «نص الجدعنة».. مش هروب
«كونى قوية».. هذا هو الشعار الذى اتخذته مستشفى بهية، أول مستشفى لعلاج سرطان الثدى بالمجان، فى حملاتها لمواجهة السرطان بالرياضة، فقد نظمت الجمعية العديد من الحملات التوعوية فى الشارع علاوة على ماراثون للجرى وحملة لركوب الدراجات للتوعية بمرض سرطان الثدى وتشجيع النساء على الكشف المبكر لمواجهة هذا المرض. ومن المقرر أن تطلق مستشفى بهية بالتعاون مع جمعية رسالة ومؤسسة «سوديك سبورت» وفريق «cairo runners» ماراثون جرى تحت شعار «كونى قوية» تذهب أرباحه للمستشفى، وفى نفس الوقت لدعم المريضات نفسياً ومعنوياً. وبجانب الماراثون تستهدف الحملة التوعية بمرض سرطان الثدى وأهمية الكشف المبكر من خلال حافلة ضخمة تجوب أهم الشوارع والميادين تحت شعار «pink road show».
العلاج بالـ«فنون الوردية».. عبرى عن ألمك بالرسم
الفنانة التشكيلية ريهام السنباطى استخدمت ريشتها وعدستها لتغير الواقع بالفن، من خلال معرض «فنون وردية» لمكافحة مرض سرطان الثدى، وتقول لـ«اليوم السابع» أن فكرة عمل معرض فنى يجمع رسوماتها ورسومات مريضات السرطان التى تعبر عن آلامهن، يعد أكبر وسيلة لدعمهن والتعبير عن مشاكلهن ومشاعرهن ليفهمها من حولهن، وهى فكرة مختلفة للتعبير عن هموم وآلام مريضات سرطان الثدى كنوع من أنواع العلاج بالفن.
وتتابع ريهام أن الفكرة هدفها إخراج الطاقة السلبية من الخوف والألم للمريضات من خلال الرسم على الورق الأبيض، للتعبير بحرية عن آلامهن، مما يؤثر إيجابياً فى مراحل العلاج من المرض». وأطلقت ريهام حملة أخرى للتوعية بسرطان الثدى من خلال مشروعها «فنون وردية» الذى لم يقتصر على الرسم فقط بل شجعت مقاتلات السرطان على تصميم إكسسوارات تجعلهن أقوى فى مواجهة المرض.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة