صُبّت علىّ مصائب لو أنها، صُبّت على الأيام صرن لياليا.. أسوأ الناس حظا وأكثرهم احتياجا لتعلم اللغة العربية وأشعارها اليوم هو السيد مارتن فينتركورن الرئيس المستقيل من إدارة شركة فولكس فاجن الألمانية التى كان آخر ما وصلنا عنها أنها تنوى تقديم 18 مليارا تعويضا لعملائها فى الولايات المتحدة الأمريكية الذين خدعوا فى 482 ألف سيارة منذ عام 2009، القائمة تتسع لتشمل السويد وكوريا الجنوبية والقادم أسوأ، هذه المرة ساهم سوء الحظ فى نجاة الدول العربية من الخسارة، الجانب المضىء فى الأمر أن الفوهلر ليس على قيد الحياة، وإلا لكان أعدمه تحت جنزير دبابة عقابا التزوير باسم الشعب.. «فولكس» لفظة نازية تعنى الشعب بالألمانية، لكن شكرا للظروف على أنجيلا الرقيقة.
تتلخص القصة فى أن الشركة الألمانية الأكثر شهرة بوصفها رمزا لتناغم القوة مع الدقة فى عقلية الكائن الألمانى القادم من فضاء التقدم، «خدعت»- بفتح الخاء أو ضمها- العالم الحديث فيما يمكن تسميته ببساطة «نظام تقليل انبعاث العادم» وهو يختص بتقليل الآثار البيئية الضارة للعادم المنبعث من محركاتها التى تعمل بالديزل، إمعانا فى سوء الحظ كان شعار الشركة على مدى الأعوام الماضية «ديزل نظيف» تفاخرا بالتقنية التى قالت إنها أوجدتها للحفاظ على البيئة، إقالة رئيس الشركة مارتن فينتركورن أول مناورة لكبح جماح الخسارة لكن العقد انفرط وتتسابق حباته على السقوط، فاستبقت الشركة الأحداث بإعلانها عن خطة لإصلاح الأمر باستدعاء 11 مليون سيارة تعمل بهذا النظام فى عدة دول، والآن دخل البرلمان الألمانى على الخط بعد تقارير بأن الشركة تعلم بالأمر منذ 2007.
الألمان بالطبع غاضبون، لأن الشركة التى يعمل بها أكثر من 270 ألف عامل وتنتج أكثر من 4 موديلات شهيرة من السيارات، خدعت عملاءها، ووجهت ضربة موجعة للاقتصاد الألمانى، لكن الخداع أشد قسوة وآثاره أكثر حدة وتحتاج وقتا أطول للعلاج، لذلك لن تمضى الحكومة الألمانية فى العقاب إلى نهايته وستضطر للحفاظ على ما تبقى من هيبة الصناعة الوطنية، لكنها تراقب جيدا خطة إدارة الشركة للأزمة، وللإنصاف فإنها نجحت لحد ما فى الانتقال فورا إلى حلول فعالة لاحتواء الكارثة، بدأتها برواية أن طرفا ما فى الشركة خدع مجلس الإدارة والعملاء معا، والآن تلوح بالتعويضات.