خلال الساعات الماضية تحولت الشاشات لمندبة عظيمة، لأن عدم الإقبال على التصويت فى الانتخابات البرلمانية صدم الجميع، وتبارى المحللون فى إظهار وتفنيد الأسباب التى جاء معظمها ليعلق الإحجام على شماعة المرشحين والأحزاب والقوائم، بمعنى أن الأغلبية أرجعت الإحجام من الناس إلى جهل الناس بأسماء المرشحين أو برامج الأحزاب والقوائم، وهذا، لعمرى، تدليس وتضليل يبعدنا عن جوهر النكبة أو الكارثة التى لو لم ينتبه إليها نظام السيسى لكانت مؤشرا خطيرا لعواقب أكثر كارثية، أما إذا سألتنى عن الأسباب ومن خلال حواراتى مع الناس فى الشارع من كل المستويات، فيمكن إجمالها فى الآتى:
أولا: هناك حالة إحباط عام من ممارسات الحكومة انعكست على شعبية النظام نفسه ورصيده، والإحباط مرده أن سقف تطلعات وطموحات الشارع كان أكبر من الإنجاز الذى حدث.
ثانيا: المشاريع الكبرى التى سوقها الإعلام والنظام وأعطى للناس أملا أنها ستدر عليهم الفلوس بالكوم وتريحهم بعد سنوات عجاف لم تؤت ثمارها، بالعكس الأسعار قفزت بصورة غير مسبوقة، وفواتير الكهرباء والمياه والغاز وخلافه تضاعفت بلا شفافية وبدون سابق إنذار، والحياة كل يوم تلهب ظهور الأغلبية، مما انعكس على الإقبال عن التصويت وكأنه تصويت بالرفض على القرارات والاختيارات.
ثالثا: الفوضى فى قرارات الحكومة واختيار وزراء ينتمون لعهد الفساد المباركى، ثم تخبط القرارات بين الوزراء، ثم تخفيض سعر الجنيه بالنسبة للدولار مرتين قبل الانتخابات بيوم واحد، وهو توقيت غبى جدا يدل على عدم وجود تنسيق بين جناحى السياسة والاقتصاد والنقد فى الحكومة.
رابعًا: الأسماء المطروحة فى القائمة التى ادعى أصحابها أنها مؤيدة من الرئيس ليست فى معظمها بعيدة عن نفس أسماء الحزب الوطنى الغابر، وللأسف معظمها من محترفى الانتخابات والتزوير وهم سبب خروج الشعب بالملايبن فى ثورة يناير التى كان شعارها عيش حرية كرامة إنسانية، فكيف ثار الشعب على وجوه تريدون منه الآن أن ينتخبها، أما ثالثة الأثافى فهى وجود حزب الزُّور الذى هو ممنوع بحكم الدستور من ممارسة العمل السياسى لقيامه على أساس دينى، فكيف بالله عليكم لنظامكم أن يسمح بهذا التدليس العلنى على الشعب؟ ولمصلحة من؟
خامسًا: الإعلام كان أحد أهم أسباب نكسة التصويت، ذلك لأن إعلام البورنو والشذوذ والجن والعفاريت هو الذى تغلب وغلب وأغرق المصريين طوال الأسابيع والشهور الماضية، ثم رأينا اهتمام الإعلام المفرط بالسوبر والدورى وإطلاق استوديوهات التحليل لكرة القدم حتى الفجر وكأننا شعب مرفه لا يعمل، وكل ذلك من أجل دجاجة الإعلانات الذهبية، ولأن الإعلام صار مطية للإعلان، ولأن الدولة تركت الإعلام فى يد عدد من أصحاب المصالح ورجال البيزنس الذين يخدم عليهم صبيان ينتسبون للإعلام زورا وتحولوا لمنافقين للرئيس يدعون أنهم قريبون منه ويتحدثون باسمه، وهم يسيئون إليه ولن ينفعوه لأن الشعب لفظهم، وللأسف هؤلاء الأفاقون والمطبلاتية يتصدرون الشاشات لقيادة الرأى العام بدليل كورس العزف الجماعى الذى طالب بتغيير الدستور لمجرد عبارة قالها الرئيس، والنتيجة أن الوعى الجمعى للمواطن توصل لنتيجة مفادها: إذا كان الأفاقون يريدون منى الذهاب لاختيار برلمان على هواهم وليغير الدستور الذين هم أنفسهم طبلوا له من قبل، فلن أفعلها ولن أذهب أيها المنافقون، أما إغراق المشاهد فى قضايا التسطيح والجنس والغيبوبة، فكان لابد أن تؤتى ثمرتها العاجلة فيما شاهدناه من عزوف جماعى وشبه امتناع عن التصويت، على الجميع الآن تحليل ماحدث لأنه درس قاسٍ لما هو آت.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة