جمال الغيطانى.. واحد من جيل يطوى أوراقه ويغيب جسدا، لكنه يترك الكثير من العلامات على حيطان الثقافة هوامشها ومتونها، الجيل الذى اتفق على تسميته جيل الستينيات، هو الذى كبر وبزغ فى السبعينيات من القرن العشرين، لكنه عاش وبدأ إبداعه وسط مد سياسى واجتماعى وتحولات كانت الأوسع فى تاريخ مصر، هو الجيل الذى كان أكثر إبداعاته عن الهزيمة، يونيو 1967 كانت مجالاً لإبداع واحتفاء ونوع من التلذذ الابداعى، وحتى بعد نصر أكتوبر لم يستطع أن يمحو من حلوقهم وأدبهم مرارة تتواصل حتى الآن.
هو جيل امتد من عبدالحكيم قاسم، وجمال الغيطانى، وبهاء طاهر، وخيرى شلبى، وإبراهيم أصلان، وصنع الله إبراهيم، ويوسف القعيد، وفى الشعر كان أحمد عبدالمعطى حجازى، وأمل دنقل، وعبدالرحمن الأبنودى، وأحمد فؤاد نجم، وسيد حجاب، وفى الدراما كان أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد، والجيل كانت له امتداداته فى المسرح والتليفزيون والفنون التشكيلية والنقد الأدبى، جيل ارتبط سلبا وإيجابا بجمال عبدالناصر، وإن كان ظهر واتسع إنتاجه فى حكم أنور السادات.
كانت علاقة هذا الجيل بعبد الناصر أبوية ومتناقضة، فهم أو عدد كبير منهم دخلوا السجون لانتماءات سياسية لليسار، فى أعمالهم انتقدوا وهاجموا زوار الفجر وسيطرة الأمن، وكانت «الزينى بركات» للغيطانى من أهم الأعمال التى تصنع إسقاطا على المباحث والأمن والبصاصين، من العصر المملوكى، وكانت من الأعمال التى صنعت شهرة الغيطانى. ومع هذا فقد ظل جيل الغيطانى يحمل لعبدالناصر الكثير من الإعجاب بالتجربة والتحول الاجتماعى، ربما لأنهم رأوا تغيرات لغير صالح المشروع الناصرى.
جمال الغيطانى كان من أقرب الأدباء لنجيب محفوظ، وبالرغم من أن الستينيات شهدت مقولة «جيل بلا أساتذة»، فقد كانوا يعتزون بنجيب محفوظ، ويوسف إدريس الذى ارتبط مع جيل الستينيات بالرغم من أنه سابق له عمريًّا، ولم تكن هناك حواجز واضحة تفصل الأجيال ودائما كان هناك تداخل، ولم يكن الغيطانى ظلا لمحفوظ، لكنه كان شبيها كان فى حرصه على أن يكون صاحب مشروع ممتد، واستمر فى إنتاجه الأدبى بالرغم من كل الظروف، منتظما، وهو أمر ميز جيل الستينيات، بدرجات متفاوتة، وكان الأغزر إنتاجا الغيطانى وخيرى شلبى ويوسف القعيد وبهاء طاهر.
جيل الستينيات، للمفارقة، كان بداية وضع فكرة الأجيال العشرية، كل عشر سنوات، لكن المفارقة أن هذا الجيل استمر حتى الآن، فى الأدب والسياسة عابرا الزمن، ومثيرا للتناقضات، شارك بعضه فى الثورة للتغيير، والبعض الآخر كان فى السلطة التى طلب الناس تغييرها، فهو جيل «عاش مائة عام»، ويبقى الغيطانى صفحة من تاريخ الأدب وتاريخ مصر الثقافى والسياسى ترك علامات أدبية مستمرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة